بالشبه في دينه والإلحاد، ومن يسعى منهم في الفساد، ويأمر المرتبين في المراكز والأطراف باقتناصهم، وكفّ فسادهم وإجلائهم عن عراصهم، وأن يجرى عليهم في السياسة ما يجب على أمثالهم من الزنادقة والذين توبتهم لا تقبل؛ وأمرهم على حكم المخاطبين لا يحمل، قال الله تعالى:({إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ اِزْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضّالُّونَ.})
وأمره أن يتلقى النعمة التي أفرغت عليه، وانساقت إليه؛ بشكر ينطق به لسانه، ويترجم عنه بيانه: ليستديم بذلك الإكرام؛ ويقترن الإحسان عنده بالالتئام؛ وأن يوفيها حقّها من دوام الحمد، والقصد إلى شكرها والعمد؛ قال الله تعالى:({وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ.})
وليعلم أن أمير المؤمنين قد بيّن له من الصلاح ما اتضحت أعلامه؛ وأثبتت في المرامى سهامه؛ وأرشد إلى ما أودع هذا المنشور من جدد الفوز بمرضاة الله تعالى وشكر عباده؛ عاملا في ذلك بمقتضى جدّه واجتهاده: ليحرز السبق في دنياه وعقباه؛ ويتوفر عنده ما منح به مما أرهف عزمه وحباه؛ وغدا بمكانه رافلا في ملابس الفخر والبهاء؛ نائلا منى ما طال به مناكب القرناء؛ واختصّ بما أعلى درجته، فتقاعست عنه آمال حاسديه وتفّرد بالمكانة عن مقام من يباريه ويناويه؛ وأولى من الإنعام ما أمّن به سرب النعمة عنده؛ وأصفى من مناهل الإحسان ورده؛ وأهدى إليه من المواعظ ما يجب أن يودعه واعية الأسماع؛ ويأخذ بالعمل به كلّ راع؛ فينهج - أدام الله علوّه - محاجّ الولاء؛ الذى عهده من أمثاله من الأولياء؛ متنزها عن تقصير منه في عامة الأوقات؛ ومراعيا أفعاله في جميع التصرفات؛ ويعلم أنه مسئول عن كل ما تلفّظ به لسانه ناطقا؛ ونظر طرفه إليه رامقا؛ قبل أن يجانب هواه؛ ويبقى رهينا بما اكتسبت يداه؛