يعدلون، وخلفاء الله كانوا في مثل هذا اليوم لله يسألون؛ لا جرم أنّهم أورثوا سرّهم وسريرهم خلفهم الأطهر، ونجلهم الأكبر، وبقيّتهم الشريفة، وطلعتهم المنيفة، وعنوان صحيفة فضلهم لا عدم سواد العلم وبياض الصحيفه، فما غابوا لمّا حضر، ولا غضّوا لما نظر، بل وصلهم الأجر لما كان به موصولا، وشاطروه العمل لما كان عنه منقولا ومنه مقبولا؛ وخلص إليهم إلى المضاجع ما اطمأنّت به جنوبها، وإلى الصحائف ما عبقت به جيوبها، وفاز منها بذكر لا يزال الليل به سميرا، والنهار به بصيرا، والشّرق يهتدى بأنواره، بل إن أبدى نورا من ذاته هتف به الغرب بأن واره؛ فإنه نور لا تكنّه أغساق السّدف، وذكر لا تواريه أوراق الصّحف.
وكتاب الخادم هذا، وقد أظفر الله بالعدوّ الذى تشظّت قناته شفقا، وطارت فرقه فرقا، وفلّ سيفه فصار عصا، وصدعت حصاته وكان الأكثر عددا وحصا؛ وكلّت حملاته وكانت قدرة الله تصرّف فيه العيان بالعنان، عقوبة من الله ليس لصاحب يدبها يدان؛ وعثرت قدمه وكانت الأرض لها حليفه، وغضت عينه وكانت [عيون] السيوف دونها كسيفه؛ ونام جفن سيفه وكانت يقظته تريق نطف الكرى من الجفون، وجدعت أنوف رماحه وطالما كانت شامخة بالمنى أو راعفة بالمنون؛ وأضحت الأرض المقدّسة الطاهرة وكانت الطّامث، والرّبّ المعبود الواحد وكان عندهم الثالث، فبيوت الشّرك مهدومه، [ونيوب الكفر مهتومه] وطوائفه المحاميه، مجتمعة على تسليم البلاد الحاميه، وشجعانه المتوافية مذعنة لبذل المطامع الوافية؛ لا يرون في ماء الحديد لهم عصره، ولا في فناء الأفنية لهم نصره؛ وقد ضربت عليهم الذّلّة والمسكنه، وبدّل الله مكان السّيئة الحسنة؛ ونقل بيت عبادته من أيدى أصحاب المشأمة إلى أيدى أصحاب الميمنة