وفى هذا الجزء الرابع من كتاب مفرج الكروب، نلمس نغمة جديدة من ابن واصل عند ما يستخدم ضمير المتكلم في كتابته، مما يوضح أنه صار فتى يعى بعض الأحداث التي يسردها، والتي رآها بنفسه أو سمعها من بعض المقربين والثقات. من ذلك ما يرويه ابن واصل من وفاة أم الملك المظفر - وهى زوج الملك المنصور - سنة ٦١٦ هـ، وكيف أن والد ابن واصل أمّ المصلين عليها في قلعة حماه، ثم يسترسل ابن واصل متحدثا عن نفسه، فيقول ما نصه:«وحضرت معه يومئذ وعمرى نحو اثنتى عشرة سنة. ثم عمل السلطان - رحمه الله - عزاها بالمدرسة المنصورية ظاهر حماه، ورأيته وهو جالس يمنة المحراب وهو مكتئب حزين، وهو لابس الحداد ثوب أزرق وعمامته زرقاء، وإلى جانبه أولاده الملك الناصر قلج أرسلان وإخوته، وعليهم كلهم الحداد. . .».
وفى حوادث سنة ٦١٩ هـ يروى ابن واصل كيف أنه شاهد بعينيه دخول الملك المعظم عيسى حماه، فيقول:«وشاهدته - رحمه الله - حين دخوله إليها، وعمرى خمس عشرة سنة يومئذ». وفى حوادث سنة ٦٢٥ هـ يروى ابن واصل كيف استنجد الملك الناصر داود بعمه الملك الأشرف ضد عمه الآخر الملك الكامل، ويحكى عن نفسه فيقول أنه عند وصول الأشرف إلى دمشق «خرج الملك الناصر لاستقباله، وكنت يومئذ بدمشق وشاهدت دخوله القلعة. . .».
وإذا كان ابن واصل لم يشاهد بعينيه بعض الأحداث التي تعرض لها بالذكر في هذا الجزء الرابع من كتابه، فإنه سمع بأذنيه الكثير مما رواه شاهد والعيان لتلك الأحداث. من ذلك ما يقوله ابن واصل في حوادث سنة ٦٢٣ هـ:
«ولقد حكى لى ظهير الدين التفليسى - رحمه الله - وكان حضر فتح جلال الدين لها [لمدينة تفليس] قال. . .». وعن الهدنة بين السلطان الكامل والامبراطور فردريك الثانى، يقول ابن واصل في حوادث سنة ٦٢٥ هـ: «حكى