للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بلاد الترك، مضافا إلى غزنة وبعض الهند وسجستان وكرمان وطبرستان وغير ذلك من الممالك. وبالجملة لم يملك أحد بعد انقراض الدولة السلجوقية مثله، غير أن السعادة أدبرت عنه، وزال [بزوال ملكه (١)] ملك البلاد الإسلامية في جميع هذه الممالك فسبحان من لا يزول ملكه.

ولما أيس التتر المغربون من إدراك خوارزم شاه، قصدوا مازندران فملكوها مع صعوبة مسالكها وحصانتها، وأن المسلمين في أول الأسلام لما ملكوا بلاد العجم، لم يقدروا على دخولها فقنعوا من أهلها بالخراج إلى أن ملكت في خلافة سليمان بن عبد الملك. وهؤلاء الملاعين ملكوها على أسرع وقت، وقتلوا وسبوا وأحرقوا البلاد، ثم سلكوا نحو الرى فوقعوا على والدة خوارزم شاه - وكانت قاصدة أصفهان وهمذان لما بلغتها ما جرى على ولدها - فأخذوها وما معها، ووجدوا معها من المتاع ونفائس الجواهر ما ملأ أعينهم، وسيروا الجميع إلى ملكهم جنكزخان وهو نازل بسمرقند [وكان آخر العهد بها (٢)]. ثم رحل هؤلاء إلى الرى، وقد انضاف إليهم من عساكر المسلمين والكفار والمفسدين خلق كثير، فملكوا الرى ونهبوا وسبوا، ثم فارقوها ومضوا مسرعين يطلبون خوارزم شاه، لأنهم لم يعرفوا له خبرا. فلم يمروا بقرية إلا أحرقوها وقتلوا أهلها وسبوا نساءهم وذريتهم، وتركوا كل ما مروا به قاعا صفصفا.

ثم قصدوا همذان، فلما قاربوها خرج رئيسها إليهم بالخيل والأموال والدواب والثياب وغير ذلك، وطلب الأمان لأهل البلد فآمنوهم، وتركوا


(١) في نسخة م «وزال بملكة» والصيغة المثبتة من نسخة س.
(٢) ما بين الحاصرتين من نسخة س.

<<  <  ج: ص:  >  >>