للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلة الوقوف، وغرم عليه جملة كثيرة. وعمر بالجبل مصانع للماء (١) وبنى تربة هناك.

وأما احتفاله بمولد النبى - صلى الله عليه وسلم - فإن الوصف يقصر عن الإحاطة به. قال [ابن خلكان (٢)]: ولكنا نذكر طرفا منه، وهو أن أهل البلاد كانوا قد سمعوا بحسن اعتقاده فيه، فكانوا كل سنة يصل من البلاد القريبة من أربل مثل بغداد والموصل والجزيرة وسنجار ونصيبين وبلاد العجم وتلك النواحى من الفقهاء والصوفية والوعاظ والقراء والشعراء خلق عظيم. ولا يزالون يتواصلون من المحرم إلى شهر ربيع الأوّل. ويتقدم مظفر الدين بنصب قباب من الخشب كل قبة أربع طبقات أو خمس، ويكون عدد القباب عشرين قبة، وأكبرها قبة له والباقى (٣) للأمراء وأعيان الدولة، لكل واحد قبة. فإذا كان أول صفر زينوا (٤) تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة، وقعد في كل قبة جوق من المغانى، وجوق من أرباب الخيال، وفى كل طبقة من طبقات تلك القباب يكون فيها جوق.

وتبطل معايش الناس في تلك المدة كلها، ولا يبقى للناس شغل إلا التفرج والدوران على تلك القباب. وكانت القباب تنصب من حدّ باب القلعة إلى باب الخانقاة المجاورة للميدان. وينزل مظفر الدين كل يوم بعد صلاة العصر ويقف على قبة قبة إلى آخرها، ويسمع غناء المغانى، ويتفرج على خيالاتهم وما يفعلونه في القباب. ثم يبيت في الخانقاة بعد الفراغ (٥)، ويركب عقيب صلاة الصبح


(١) المصانع هنا بمعنى ما يصنعه الناس من الآبار، انظر ابن منظور، لسان العرب، ج ١٠، ص ٧٩.
(٢) ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(٣) في المخطوطة «البواقى»، والصيغة المثبتة من ابن خلكان، ج ١، ص ٤٣٧.
(٤) في المخطوطة «بنوا» والصيغة المثبتة من ابن خلكان (نفس الجزء والصفحة).
(٥) كذا في المخطوطة وفى ابن خلكان (ج ١، ص ٤٣٧) ورد «ثم يبيت في الخانقاه ويعمل السماع فيها».

<<  <  ج: ص:  >  >>