للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفقهاء، والسرج والزيت. ورتب مزملة (١) يبرد فيها الماء في الصيف لهم، وجعل لكل فقيه مع هذه الرواتب كلها دينارا إماميا في كل شهر. ورتب للمدرسين والمعيدين ما يليق بهم من الرواتب. ورتب حماما يدخلون إليها متى احتاجوا، وفيها من يقوم بخدمتهم. وهذا لم يعمل مثله أحد من الخلفاء الماضين ولا الملوك المتقدمين.

ولهذه المدرسة طاقات مطلة على دجلة يشاهدون فيه المراكب المقلعة والمنحدرة.

وأعظم مدرسة كانت ببغداد المدرسة النظامية المنسوبة إلى نظام الملك وزير السلطانين ألب أرسلان وولده ملكشاه، ولا نسبة لها إلى هذه المدرسة، لا في الصورة، ولا في المعلوم، ولا في الحسن والنزاهة. وللخليفة منظرة (٢) مطلة على هذه المدرسة، يرى الفقهاء منها إذا حضروا، ويسمع مناظراتهم ولا يرونه.

ورتب في جامع القصر، وهو الجامع الذى يصلى فيه الخليفة أربع دكك برسم مدرسى المدرسة المستنصرية، وفقهائهم يصلون على هذه الدكك. وفقهاء كل طائفة على دكة منها. وهذه الدكك كلها عن يمين المنبر. وكانت العادة إذا فرغت الصلاة أن يجلسوا للمناظرة، وذكر مسائل الخلاف والبحث فيها. ومن أراد من الفقهاء مدح الخليفة بقصيدة قام وأنشدها قبل ذكر المسألة.

وكانت له - رحمه الله - صلات وصدقات إلى من يرد من العلماء والزهاد والأدباء وسائر الطبقات. واستخدم عساكر عظيمة لم يستخدم مثلها أبوه وجده.

وكانت عدتهم، على ما بلغنى، يزيد على مائة ألف. وكان ذا همة عالية وشجاعة وافرة، وإقدام عظيم.


(١) هى جرة في وسطها ثقب مركب فيه قصبة من الفضة أو الرصاص يشرب منها، سميت مزملة لأنها تلف بشىء من الخيش أو غيره ويجعل بينه وبين خزفها التين ليبقى الماء باردا، انظر: محيط المحيط.
(٢) في المخطوطة «منظر».

<<  <  ج: ص:  >  >>