للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقصدت التتر بلاد العراق، فلقيهم عسكره، وانتصف منهم وهزمهم.

وكان له أخ يعرف بالخفاجى كان يزيد عليه في الشهامة والشجاعة. [٤١ ا] وبلغنى أنه كان يقول: «إن ملكنى الله تعالى أمر الأمة، لأعبرن بالعساكر نهر جيحون، وانتزع البلاد من أيدى التتر، واستأصلهم قتلا وسبيا». فلما توفى المستنصر بالله، لم ير الدوادار (١) والشرابى (٢) - وكانا غالبين على الأمر - تقليده الخلافة خوفا منه، وآثروا أن يليها أبو أحمد عبد الله بن المستنصر لما يعلمونه من لينه وانقياده، وضعف رأيه، ليكون الأمر كله إليهما، ويستبدا به لما يريده الله تعالى ويقدره، لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه.

ولما بلغت الملك الناصر داود، صاحب الكرك، وفاة الخليفة المستنصر بالله، رثاه ومدح ولده المستعصم بالله بقصيدة مطلعها:

أيا رنّة الناعى عبثت بمسمعى ... فأجّجت نار الحزن ما بين أضلعى

وأخرست منى مقولا ذا براعة ... يصوغ أفانين القريض الموشّع

نعيت إلىّ البأس والجود (٣) والحجى ... فأوقفت آمالى وأجريت أدمعى


(١) الدوادار: كلمة مركبة من لفظين أحدهما عربى وهو الدواة والثانى فارسى وهو دار ومعناه ممسك الدواة، والوظيفة اسمها الدوادارية وصاحبها كما يذكر القلقشندى (صبح الأعشى، ج ٥، ص ٤٦٢) هو الذى كان «يحمل دواة السلطان أو الأمير أو غيرهما، ويتولى أمرها مع ما ينضم إلى ذلك من الأمور اللازمة لهذا المعنى من حكم وتنقيذ أمور وغير ذلك بحسب ما يقتضيه الحال».
(٢) الشرابى هو الذى كان يصنع الأشربة والأدوية، وكان أحد رجال الشراب خاناة، ويقابل ذلك في مصطلح دولة المماليك كلمة الساقى، انظر: المقريزى، السلوك، ج ١، ص ٤٥٨ حاشية ٣؛ انظر أيضا القلقشندى، صبح الأعشى، ج ٤ ص ١٠، ج ٥ ص ٤٦٩؛ Dozy, Supp. Dict. Ar.
(٣) في العينى (عقد الجمان، حوادث ٦٤٠ هـ‍) الذى يبدو أنه نقل عن ابن واصل هذه الأبيات: «الجود والبأس».

<<  <  ج: ص:  >  >>