للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه رد عليهم في كتاب له سمّاه: «المستظهرى (١)»، حكى فيه صورة مذهبهم، وبالغ في الرد عليهم والنقض لأقاويلهم.

وكان عمارة بن على اليمنى شديد التعصب لهم، لأنه قدم عليهم من اليمن فأحسنوا إليه وخوّلوه، فرعى ذلك ووفى لهم، والإنسان - كما قيل - صنيعة الإحسان، ولم يكن على مذهبهم، وإنما كان شافعيا سنيا، فلما زال أمرهم رثاهم بأحسن (٢) الشعر، وذبّ عنهم باللسان إذ لم يمكنه الذبّ عنهم باليد؛ ثم لما تحرك جماعة في عود الأمر إليهم، كان من جملة المساعدين على ذلك، شكرا لهم على إحسانهم إليه، فأدّى به ذلك إلى أن شنق - على ما سنذكره إن شاء الله تعالى -، فمن جمله قوله فيهم يرثيهم بقصيدة (٣)، ذكرتها بجملتها لفرط حسنها وهى:

رميت يا دهر كفّ المجد بالشّلل ... وجيده بعد حسن الحلى بالعطل

سعيت في منهج الرّأى العثور فإن ... قدرت من عثرات الدّهر (٤) فاستقل


(١) أبو حامد محمد بن محمد الغزالى، أصله من غزالة، قرية من أعمال طوس، وكان والده يغزل الصوف ويبيعه. توفى سنة ٥٠٥ هـ‍. وله مؤلفات كثيرة، منها هذا الكتاب المشار إليه هنا واسمه: (فضائح الباطنية وفضائل المستظهرية) أو (المستظهرى)، أهداه إلى الخليفة المستظهر العباسى، وقد نشر الاستاذ كولدزيهر قطعة كبيرة منه ومعها مقدمة طويلة في المذهب الباطنى باللغة الألمانية (Goldziher : Streitschrift des Gazali Gegen die Batinija - Sekte .Leiden .١٩١٦) .
وانظر أيضا ترجمة الغزالى في: (ابن خلكان: الوفيات) و (السبكى: طبقات الشافعية، ج ٤، ص ١٠١ وما بعدها) و (الدكتور زكى مبارك: الأخلاق عند الغزالى و (سركيس: معجم المطبوعات العربية).
(٢) في س: «بالشعر».
(٣) لتصحيح هذه القصيدة رجعنا إلى الكتب التاريخية المختلفة التي أوردتها، وخاصة: (ديوان عمارة) و (الروضتين لأبى شامة) و (صبح الأعشى للقلقشندى، ج ٣، ص ٥٢٦ وما بعدها).
(٤) في (الروضتين): «البغى».

<<  <  ج: ص:  >  >>