للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخبره الحال، وقال: «أريد أن تكشف الأمر لى»، فسعى (١) في كشفه فلم ير له من جانب صلاح الدين شيئا، فعدل إلى الجانب الآخر، فكشف الحال إليه، فحضر عند القاضى الفاضل فأعلمه، فقال له: «تحضر الساعة عند صلاح الدين وتنهى الحال إليه»، فحضر عند صلاح الدين وهو في الجامع، وذكرا الحال، فأخذ الجماعة وقررهم، فأقروا، فحينئذ قبض عليهم، وأمر بصلبهم.

وكان عمارة بينه وبين القاضى الفاضل عداوة من أيام العاضد وقبلها، فلما أراد صلاح الدين صلبه قام القاضى الفاضل وخاطب صلاح الدين في إطلاقه، فظن عمارة أنه يحرّض على هلاكه، فقال لصلاح الدين: «يا مولانا، لا تسمع منه في حقى»؛ فغضب القاضى الفاضل وخرج، وقال صلاح الدين لعمارة: إنه كان [والله (٢)] يشفع لك»، فندم.

وأخرج عمارة ليصلب، فطلب أن يمرّ به على مجلس القاضى الفاضل، فاجتازوا به عليه، فأغلق بابه، ولم يجتمع به، فقال:

عبد الرحيم قد احتجب ... إن الخلاص من العجب

ثم صلب هو والجماعة بين القصرين، وذلك يوم السبت لليلتين مضتا من شهر رمضان من هذه السنة - أعنى سنة تسع وستين وخمسمائة - وأفنى (٣) [صلاح الدين] بعد ذلك من بقى منهم.

قال عماد الدين الأصفهانى: «وكان فيهم داعى الدعاة ابن عبد القوى، وكان عارفا بخبايا القصر وكنوزه، فباد (٤) ولم يسمح بإبدائها، وبقيت تلك الدفائن مخزونة،


(١) في الأصل: «فسعا».
(٢) ما بين الحاصرتين عن س.
(٣) في الأصل: «وأفنا».
(٤) س: «فمات».

<<  <  ج: ص:  >  >>