للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القضاة لهم، فحكى لى (١) القاضى تاج الدين - المعروف بابن بنت الأعز - قاضى القضاة بالديار المصرية - رحمه الله (٢) - قال: «كان العوريس رأى في منامه كأن المسيح عيسى بن مريم - عليه السلام - أخرج رأسه له من السماء، فقال له العوريس: الصلب حق؟ فقال المسيح - عليه السلام -: نعم الصلب حق؛ فقصّ العوريس رؤياه على معبر، فقال المعبر: الذى رأى هذه الرؤيا يصلب، لأن المسيح معصوم، فلا يقول إلا حقا، ولا يمكن كون ذلك راجعا إلى المسيح عليه السلام، لأن القرآن العظيم قد نصّ بأنه لم يصلب ولم يقتل، فبقى أن يكون ذلك راجعا إلى الرائى، فهو الذى يصلب، فكان الأمر كما قال المعبر».

وسيّر صلاح الدين كتابا إلى نور الدين يتضمن ذكر القضية (٣) بخط المرتضى ابن قريش، فاتفق وصول الكتاب إلى دمشق يوم وفاة نور الدين - رحمه الله - فمنه فصل يقول فيه:

«لم نزل نتوسم من جند مصر، ومن أهل القصر، بعد ما أزال [الله (٤)] من بدعتهم، ونقض من عرى دولتهم، وخفض من مرفوع كلمتهم، أنهم أعداء وإن قعدت بهم الأيام، وأضداد وإن وقعت عليهم كلمة الإسلام».


(١) المتحدث هنا هو المؤلف ابن واصل، لأن القاضى ابن بنت الاعز لم يكن معاصرا لصلاح الدين أو لهذه المؤامرة، إنما ولد سنة ٦١٤ هـ‍ وتوفى سنة ٦٦٥ هـ‍. انظر أخبار هذا القاضى وترجمته في: (ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة، ج ٧) و (ابن العماد: شذرات الذهب، وفيات ٦٦٥ هـ‍).
(٢) هذا الدعاء يدل على أن ابن واصل كان يكتب هذا الجزء من تاريخه بعد سنة ٦٦٥ هـ‍، وهى السنة التي توفى فيها ابن بنت الأعز.
(٣) س: «القصة».
(٤) ما بين الحاصرتين عن: (الروضتين، ج ١، ص ٢٢٠)، وقد أورد أبو شامة هناك فصولا من هذا الخطاب أطول بكثير مما أورده ابن واصل هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>