للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عز الدين عيسى بن شهاب الدين بن مالك العقيلى، الذى كان أبوه صاحب قلعة جعبر، وكان يصطلى القتال بنفسه كل يوم، فلما رأى المسلمون مصرعه عظم عليهم، وحملوا حملة رجل واحد، فأزالوا الفرنج عن مواقفهم، وأدخلوهم بلدهم، ووصل المسلمون إلى الخندق، فجاوزوه والتصقوا بالسور فنقبوه، وزحف الرماة يرمونهم، والمجانيق توالى الرمى، ليكشف العدو عن السور، ليتمكن المسلمون من النقب، فلما نقبوه حشوه [بالأخشاب] (١)

ولما رأى الفرنج شدة قتال المسلمين، وتحكم المنجنيقات في السور، وتمكن النقابين من النقب، وأنهم قد أشرفوا على الهلاك، اجتمعوا يتشاورون فيما يأتون ويذرون (٢)، فاتفق رأيهم على طلب الأمان، وتسليم القدس للسلطان، فأرسلوا جماعة من كبرائهم في طلب الأمان وتسليم القدس للسلطان، وامتنع السلطان من إجابتهم للأمان وقال:

" لا أفعل إلا كما فعلتم بأهله حين ملكتموه [من المسلمين] (٣) سنة إحدى وتسعين وأربعمائة من القتل والسبى، وجزاء السيئة بمثلها (٤) ".

فلما رجع الرسل خائبين محرومين أرسل باليان بن بارزان يطلب الأمان لنفسه، ليحضر عند السلطان في هذا الأمر وتحريره، فأجيب إلى ذلك، وحضر ورغب في الأمان، وسأل فيه فلم يجبه إلى ذلك، فاستعطفه فلم يعطف عليه، واسترحمه فلم يرحمه، فقال له:


(١) ما بين الحاصرتين زيادة عن س (١٨ ا)، والنص في ابن الأثير: «حشوه بما جرت به العادة»، والنص عند العماد (الروضتين، ج ٢، ص ٩٤): «والتصقوا بالسور فنقبوه، وعلقوه وحشوه وأحرقوه».
(٢) س: «ويدبرون».
(٣) ما بين الحاصرتين عن س.
(٤) س: «وجزاء السيئة سيئة مثلها» وما هنا يتفق ونص (ابن الأثير، ج ١١، ص ٢٠٧) وهو الأصل المنقول عنه هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>