للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال:

وأقمت تلك الليلة في خدمته إلى الصباح، وهى من الليالى التي أحياها في سبيل الله.

وكان [٤٠٠] مما قالوه له في الرسالة:

" إنك إن أردتنا نقيم فتكون معنا أو بعض أهلك حتى نجتمع عنده، وإلا فالأكراد (١) لا يدينون للأتراك، والأتراك لا يدينون للأكراد ".

وانفصل الحال على أن يقيم من أهله الملك الأمجد مجد الدين - صاحب بعلبك - وكان - رحمه الله - يحدث نفسه بالمقام، تم امتنع من ذلك لما فيه من خطر على الإسلام، فلما قارب الصبح أشفقت عليه، وخاطبته في أن يستريج ساعة لعل العين تأخذ حظها من النوم، وانصرفت عنه إلى دارى، فما وصلت إلا والمؤذن قد أذن، فأخذت في أسباب الوضوء، فما فرغت إلا والصبح قد طلع، وكنت أصلى الصبح في غالب الأوقات عنده، فصرت إلى خدمته وهو يجدد الوضوء، فصلينا، ثم قلت له:

" قد وقع لى واقع أعرضه ".

فأذن فيه، فقلت:

المولى في اهتمامه وما قد حمّل نفسه من هذا الأمر مجتهد فيما هو فيه، وقد عجزت أسبابه الأرضية، فينبغى أن يرجع إلى الله تعالى، وهذا يوم جمعة، وهو أبرك أيام الأسبوع، وفيه دعوة مستجابة في صحيح الأحاديث، ونحن في أبرك موضع نقدر أن نكون فيه (٢) في يومنا هذا، فالسلطان يغتسل للجمعة ويتصدق بشئ خفية بحيث لا يشعر أنه منك، وتصلى بين الأذان والإقامة ركعتين تناجى فيهما ربك وتفوض مقاليد أمرك إليه، وتعترف بعجزك عما تصديت له، فلعل الله يرحمك ويستجيب دعاك ".


(١) الأصل: " فأكراد "، والتصحيح عن المرجعين السابقين.
(٢) الأصل: " أن يكون في يومنا "، والتصحيح عن: (الروضتين، ج ٢، ص ١٩٩) ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>