للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من ركن البيت، ومقام إبراهيم، وتابوت موسى بما فيه، وهذه الأنهار الخمسة فرفع ذلك كله إلى السماء، فذلك قوله: {وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ}، فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض، فقد حرم أهلها خيري الدنيا والآخرة".

ويجاب بأن هذا الحديث موضوع لا أصل له، ولا تحل روايته إلا على سبيل بيان وضعه، والعقل يشهد بأنه لا صحة له، ورواه "ابن عدي" في ترجمة مسلمة، وقال: عامة أحاديثه غير محفوظة، وبالجملة فهو من الضعفاء، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: لا نشتغل به، وأما عكرمة فمجهول هنا، فإن كان هو مولى ابن عباس، وهو الأقرب، فقد تكلم فيه علماء الجرح والتعديل لقوله بالرأي (١).

ولما ذكر تعالى، أن جزاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار، وكان لا يخلو قلب السامع أن يقع فيه، هل ثمار تلك الجنات أشباه ثمار جنات الدنيا، أم هي أجناس أخر، لا تشابه هذه الأجناس، بين تعالى أنها نوع آخر مغاير لثمرات الدنيا بقوله:

{كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ} أي: كلما رزقوا من الجنات من أي ثمرة، كانت من تفاحها أو رمانها أو عنبها، قالوا ذلك، فمن الأولى والثانية لابتداء الغاية، لأن الرزق قد ابتدئ من الجنات، قد ابتدئ من ثمره، فـ "من" الأولى متعلقة بالرزق، مطلقًا عن أي قيد كان، و {مِنْ} الثانية متعلقة به مقيدًا بكونه من الجنات، والمراد من الـ {ثَمَرَةٍ} هنا، النوع من أنواع الثمار، والضمير في قوله {مِنْهَا} يرجع إلى الجنات، وإنما المعنى لأشجارها، وقولهم: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ}، معناه: شبيهه ونظيره لا عينه.

وذهب المفسرون في تفسير قوله تعالى: {مِنْ قَبْلُ} مذهبين:


(١) عجيب من المؤلف رحمه الله أن يقول مثل هذا في إمام عظيم في التفسير روى حديثه الأئمة، واحتج به البخاري في صحيحه، ولم يثبت عن أحد تكذيبه. وأما تكلمه بالرأي فإنه إن صح فليس من الرأي المؤاخذ به.

<<  <   >  >>