أولى بالميراث منهم، ومنهم من يسقط في كل حال إذا كانوا ذوي رحم، فكل من كان من هؤلاء وارثًا لم تجز الوصية له، ومن لم يكن وارثًا جازت الوصية له، لأجل صلة الرحم؛ فقد أكد الله تعالى ذلك بقوله:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ}[النساء: ١]. وبقوله:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}[النحل: ٩٠] هذا كلامه.
والذي نختاره أن آية الميراث مخصصة لهذه الآية لا ناسخة لها، وأن العمل بهما على مقتضى الوجه الثالث، وبذلك يمكن العمل بالآيتين وبالحديث أيضًا، ومن غير إطراح واحد من الكل, لأن الآية المخصصة يبقى العمل بما بقي بعد التخصيص، بخلاف النسخ، فإنه مبطل للعمل بها كلها، وهذا خلاف ما يقتضيه العقل في كلام الله تعالى.
هذا وادعى قوم: أن هذه الآية منسوخة بالإجماع، وهذا مردود لأن الإجماع لا يجوز أن يكون ناسخًا للقرآن, لأنه يدل على أنه كان الدليل الناسخ موجودًا، إلا أنهم اكتفوا بالإجماع عن ذكر ذلك الدليل؛ ولقائل أن يقول: لما ثبت أن في الأمة من أنكر وقوع هذا النسخ، فكيف يدعي انعقاد الإجماع على حصول النسخ هذا.
وقد اختلف المفسرون في قوله تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا}. فقال الزهري: المال مطلقًا يسمى {خَيْرًا}، بلا فرق بين القليل والكثير, لأن الله سمى القليل خيرًا، فقال: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} [الزلزلة: ٧]. وقال تعالى، حكايته عن موسى عليه السلام:{رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}[القصص: ٢٤].
وأيضًا الخير ما ينتفع به، والمال القليل كذلك، فيكون خيرًا، وقد اعتبر الله أحكام المواريث فيما يبقى من المال، قل أم أكثر، بدليل قوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (٧)} [النساء: ٧] , فوجب أن يكون الأمر كذلك في