"الأفراد"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "سننه"، عن أبي زهير الثقفي مرفوعًا:"يوشك أن تعلموا خياركم من شراركم" قالوا: بم يا رسول الله؟ قال:"بالثناء الحسن، والثناء السيئ، أنتم شهداء الله في الأرض"(١).
وأخرج مسلم وأبو داود، عن أبي الدرداء مرفوعًا:"لا يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة" والأحاديث في هذا المعنى ليس هنا محل استيعابها.
وحاصل ما أشار إليه قوله تعالى:{لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} أنهم يتحملون الشهادة في الدنيا، لأنهم أثبتوا الحق، عرفوا عنده من القابل ومن الرادّ، ثم يشهدون بذلك يوم القيامة، كما أن الشاهد على العقود يعرف ما الذي تم وما الذين لم يتم، ثم يشهد به، ثم يشهد بذلك عند الحاكم، وأنهم يشهدون في الدنيا على نحو ما تقدم في حديث أنس. ومن ذلك أن شهادة المتميزين منهم بالعلم، الواصلين إلى رتبة الاجتهاد للحكم، تجعله حكمًا مجمعًا عليه، مبينًا الحق للناس، ويؤكد ذلك قوله تعالى:{وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} لأن الإجماع لا ينعقد إلا بمستند من الكتاب والسنة، فيكون الرسول الجائي بهما شهيدًا عليهم، يعني: مؤديًا ومبينًا لمواقع الإجماع.
وقوله تعالى:{أُمَّةً وَسَطًا} أي عدولًا، يشير إلى أن إجماع الفاسقين والمبتدعين لا يعد إجماعًا، ولا يعتبر في الإجماع إلا العدل العارف بما جاء به الرسول.
ولما أعلم تعالى بما سيقول السفهاء، وأوحى إلى نبيه ما يكون الجواب لهم، وبيّن سر تحويل القبلة، بيّن علة التوجه إلى قبلتين، فقال: