في البيان، لأنَّ صيغة التفعيل تقتضي المبالغة {لنا ما هي} تلك البقرة؟
{قال إنَّه يقول}، ولما كانوا يتعنتون أكد بقوله:{أنَّها بقرة لا فارض} أي: ليست مسنة فرضت سنها أي: قطعتها، وبلغت آخرها، {ولا بكر}، أي: وليست فتية صغيرة، بل هي {عوان} أي: نَصَفٌ {بين ذلك} أي: بين الفارض والبكر، {فافعلوا ما تؤمرون} فإن الإعتراض على من يجب التسليم له كفر.
ولما قال لهم موسى عليه السَّلام، ذلك لم يفعلوا، بل سألوا بيان اللون بعد بيان السنن.
فـ {قالوا ادع لنا ربك}، عادوا إلى جفائهم، {يبين لنا ما لونها} بعد بيان سنها فقال لهم مؤكدًا لكلامه أيضًا {قال إنَّه يقول: إنَّها بقرة صفراء}، وأكد شدة صفرتها بالعدول عن فاقعة إلى {فاقع لونها}، أي: خالص في صفرته، والفقوع في الصفرة نظير النصوع في البياض، {تسر الناظرين}، أي تبهج نفوسهم. قال وهب: إذا نظرت إليها خيل إليك أن شعاع الشَّمس يخرج من جلدها، والسرور لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه.
{قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي}، ثم عللوا تكريرهم ذلك بقولهم:{إن البقر تشابه علينا}، أي: إن البقر الموصوف بالتعوين والصفرة كثير، فاشتبه علينا أيها نذبح، {وإنا أن شاء الله لمهتدون} إلى البقرة المراد ذبحها، وإلى ما خفي علينا من أمر القاتل.
{قال إنَّه يقول أنَّها بقرة لا ذلول}، أي: لم تذلل لقلب الأرض بالحرث، وإثارة الأرض، {ولا تسقي الحرث}، أي: وليست من النواضح التي يسنى عليها لسقي الحروث، {مسلمة} من العيوب، أو معفاة من العمل، سلمها أهلها منه، {لا شية فيها} أي: لا علامة فيها تخالف لونها بل هي صفراء كلها.
{قالوا الآن جئت بالحق} أي: بحقيقة وصف البقرة، وما بقي إشكال في أمرها، {فذبحوها}، أي فحصلوا البقرة الجامعة لهذه الأوصاف كلها فذبحوها،