للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإلى الأبخرة المنبعثة من جوفها المسماة بالغازات، وإلى اشتعالها واستخراج الأضواء منها.

ولهذا قال علماء الهيئة الذين بحثوا في الأرض على ما يتبين لهم: إن جميع المواد الداخلة في تركيب الأرض، كانت ابتداء على حالة غازات، أو أبخرة بتأثير الحرارة الشديدة التي سلطها الله تعالى عليها، وحينئذ يتخيل أن الأرض، كانت في ابتداء أمرها مادة غازية، ومتى علم أن الجواهر الصلبة التي تستحيل إلى غازات، تشغل حجمًا قدر حجمها الذي تبقى عليه ألفًا وثمانمئة مرة، نتج من ذلك أن هذه الكتلة الغازية كانت ذات حجم عظيم، وتخيلنا الفرق الذي بين حجم أرضنا هذه، وكتلتها الغازية الأولوية، وحيث إن الكتلة الغازية التي كانت تتكون منها الأرض ذات حرارة مرتفعة جدًا، كانت تضيء في الفراغ كما تضيء الشمس الآن، وكما تضيء النجوم الثابتة والسيارة ليلًا، وهذه الكتلة الغازية المضطرمة، لما دارت حول الشمس على مقتضى قوانين الجذب العام الفلكي، كانت منقادة إلى القوانين المؤثرة في بقية الجواهر المادية، فكانت تبرد وتترك جزءًا من حركتها لطبقات الفراغ الباردة جدًا، التي بين الأفلاك، فبسبب هذا التبريد المستمر، مع طول الزمن الذي لا يمكن تعيين مدته، ولو على وجه التقريب، صارت الأرض سائلة بعد أن كانت غازية، فتناقص حجمها تناقصًا عظيمًا، وقد تقرر في علم رفع الأثقال، أن الجسم السائل المتحرك حركة رحوية، يكتسب شكلًا كرويًا، فبهذه الكيفية اكتسبت الأرض الشكل الكروي المميز لها، ولأغلب الأجسام السماوية، وليست الأرض منقادة لحركة دحوية فقط، بل لها حركة دوران على محورها أيضًا، يتكون منها تعاقب الليل والنهار، وقد ثبت في العلم المذكور، وثبت بالتجارب، أن الكتلة السائلة المتحركة، تنفتح نحو خط الاستواء، وتتفرطح نحو قطبها بسبب اختلاف القوة المركزية الطاردة، وبسبب هذه الظاهرة، لما كانت الأرض سائلة انتفخت نحو خط الاستواء، وتفرطحت نحو القطبين، فاستحالت من الشكل الكروي إلى شكل كرة مفرطحة نحو قطبها، واعلم ان انتفاخ الأرض نحو خط الاستواء، وتفرطحها نحو القطبين، دليل على أن الأرض كانت سائلة ابتداء، فإن الكرة الصلبة التي من العاج لا يتغير شكلها إذا دارت على محورها قرونًا، ومتى كانت

<<  <   >  >>