بخلاف الكافر فإن نعمته في الدنيا تنقطع عند الموت، وتتخلص منه إلى الآخرة.
ولما ذكر الله تعالى بما مهده من أمر البيت دينًا ودنيًا، أتبعه ببنائه مشيرًا إلى ما حباهم به من النعم وما قابلوه به من كفرها، باختيارهم لأن يكونوا من غير الأمة المسلمة فقال تعديدًا لوجوه النعم على العرب (١)، بأبيهم الأعظم استعطافًا إلى التوحيد:
جملة {وإذ يرفع} معطوفة على ما قبلها، و {يرفع} حكاية حال ماضية، و {القواعد} جمع قاعدة وهي الأساس والأصل لما فوقه، وهي صفة غالبة، ومعناها: الثابتة، ورفع الأساس: البناء عليها، لأنها إذا بني عليها نقلت من هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاع، وتطاولت بعد التقاصر، ويجوز أن يكون المراد بالقواعد سافات البناء، لأن كل ساف قاعدة للذي يبنى عليه، ويوضع فوقه، ومعنى: رفع القواعد، رفعها بالبناء، لأنه إذا وضع سافًا فوق ساف فقد رفع السافات، ويجوز أن يكون المعنى:{وإذ يرفع إبراهيم} ما قعد {من البيت}، أي: استوطأ، يعني: جعل هيئة القاعدة المستوطأة مرتفعة عالية بالبناء.
وقد أطال المفسرون هنا، فذكروا ماهية هذا البيت، وقدمه وحدوثه، ومن أي شيء كان بابه، وكم مرة حجه آدم، ومن أي شيء بناه إبراهيم، ومن ساعده على البناء، وذكروا قصصًا كثيرةً واستطردوا من ذلك للكلام في البيت المعمور، وفي طول آدم والصلع الذي عرض له ولولده، وفي الحجر الأسود، وطولوا في