للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذكر الله تعالى هذا القسم عقيب القسمين الأولين، ليكون قد نبه على جميع أقسام تكاليفه، وذاكرًا لكلها على سبيل الاستيفاء والاستقصاء.

هذا وقد روي في سبب نزول هذه الآية، ما أخرجه البخاري ومسلم والترمذي، عن عاصم الأحول، قال: "سألت أنس بن سيرين عن الصفا والمروة، فقال: كانا من شعار الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} الآية (١)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وروى الحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت: "نزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا في الجاهلية إذا أحرموا، لا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما قدمنا المدينة ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ}.

ورواه الطبراني في "الأوسط" عن ابن عباس بنحوه، ورواه عنه بنحوه أيضًا ابن جرير وابن أبي داود في "المصاحف"، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، ورواه ابن جرير عن ابن عمر.

و{الصَّفَا} جمع صفاة وهي: الصخرة الملساء، وهو لفظ مفرد، وتثنيته صفوان، وجمعه: أصفاء وصفياء وصفيا.

و{الْمَرْوَةَ} هي: الحصاة الصغيرة، يجمع قليلها مروات، وكثيرها المرو، مثل تمرة وتمرات وتمر.

والمراد من {الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} الجبلان المعروفان.

وقوله: {مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} يعني: من معالم الله التي جعلها لعباده معلمًا ومشعرًا يعبدونه عندها، إما بالدعاء وإما بالذكر، وإما بأداء ما فرض عليهم من العمل عندها.

والحج: القصد. والاعتمار: الزيارة، ثم غلبا على قصد البيت وزيارته للنسكين المعروفين.


(١) ينظر "إرواء الغليل" ١٠٧٩.

<<  <   >  >>