وقال الخطابي: معناه أنه قريب بعلمه من خلقه، قريب ممن يدعوه بالإجابة، كقوله:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، هذا كلامه.
وليس هذا من التأويل الذي يميل اللفظ إلى غير ظاهره، بل إنه تعالى أخبر عن نفسه، بأنه {قَرِيبٌ}، ثم فسر ذلك القرب، بقوله:{أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، فلا يتوهمن متوهم من هذا: القربَ المكاني، فإن الله تعالى منزه عنه، وعن الحلول، ولهذا حافظ تعالى على تفسير هذا اللفظ، لئلا يقع العباد في الوهم، وفي نسبته تعالى إلى ما يليق به من الحلول والاتحاد، ومن هذا النمط قوله تعالى: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)} [ق].
وقوله تعالى:{أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}. ذهب المتقدمون فيه وجهين:
أولهما: أن معناه {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، إن شئت، فيكون ذلك، وإن كان عامًا مخرجه، بالنسبة إلى مخرجه في التلاوة، خاصًا بالنسبة إلى معناه.
والثاني: أن يكون معنيًا بالدعوة العمل بما ندب الله إليه، وأمره بك.
فيكون تأويل الكلام: وإذا سألك عبادي عني، فإني قريب ممن أطاعني، وعمل بما أمرته به، أجيبه بالثواب على طاعته إياي إذا أطاعني؛ فيكون معنى الدعاء، مسألة العبد ربه ما وعد أولياءه على طاعتهم، بعملهم بطاعته، ومعنى الإجابة من الله التي ضمنها له: الوفاء له بما وعد العاملين له، بما أمرهم به.
وهذان الوجهان ذكرهما الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره، جوابًا عما عساه أن يقال: ما معنى هذا القول من الله تعالى ذكره، وأنت ترى كثيرًا من البشر يدعون الله، فلا يجاب لهم دعاء، وقد قال:{أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}؟
وأقول: الجواب الصحيح أن يقال: أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في "الأدب المفرد" و"الحاكم"، عن أبي سعيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ما من