والجفر والزايرجة، وسر الوفق والحروف، وبالوصول إلى المقامات العالية، التي حرم الخواص الوصول إليها بزعمهم.
ثامنها: السعي بالنميمة من وجوه حفيفة لطيفة، وذلك شائع في الناس.
هذا وقد دلت الآية: على أن من كان عدوًا لله، أي: مخالفًا لأمره ومبغضًا لملائكته ورسله، فإن الله عدوه، أي: معامله بما يناسب فعله القبيح، وأن من ترك كتاب الله واتبع السحر، فإنه ملحق بأولئك اليهود الذين تركوا الشرع {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}، وأن من اتكل على الله وتحصن بذكره وعبادته، لا يضره مكر ماكر، ولا سحر ساحر، وأن الأمور جارية كلها بقضاء الله وقدره.
ولما كان من الحق إجراء الأمور على حكم ما أثبتها الحق لأنَّها بذلك حق، هو مثال للحق المبين، وصرفها إلى من لم يثبتها الحق في حيزه إفك وقلب عن وجهه، فهو خيال باطل، هو في باب الرأي بمنزلة السحر في الحس، فهو خيال لما صحة النسبة فيه مثال، أتبع الآيات الذامة للسحر الحقيقي، التنبيه على السحر المجازي، الَّذي خيلوا به الخير، وقصدوا به الشر، ليكون النهي عنه نهيًا عن الأول بطريق الأولى، فقال ملتفتًا (١) عن ذكرهم إلى خطاب المؤمنين، الَّذي هو أخص من {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ}، الأخص من {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}[البقرة: ٢١]:
كان المسلمون يقولون: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذا ألقى إليهم شيئًا من العلم:{راعنا} يا رسول الله، أي: راقبنا، وانتظرنا وتأنّ بنا حتَّى نفهمه ونحفظه. وكانت لليهود كلمة يتسابون بها عبرانية أو سريانية وهي: راعينا، فلما سمعوا بقول المؤمنين {راعنا} اغتنموا ذلك فرصة وخاطبوا الرسول بهذه الكلمة، وهم يعنون بها تلك المسبة، فنهى الله المؤمنون عنها وأمرهم بما هو في معناها، وهو أن
(١) الأصل: (مكتفيًا) والتصحيح من "نظم الدرر" ٢/ ٨٥.