للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وباشروا نساءكم مبتغين ما كتب الله لكم من الولد، من أول الليل، إلى أن يقع لكم ضوء النهار، بطلوع الفجر من ظلمة الليل وسواده، وبهذا قال جمهور المفسرين، كالحسن والسدي، وقتادة وابن عباس.

وهو الذي بلغنا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد روى ابن جرير وأحمد والبخاري، ومسلم وأبو داود والترمذي والبيهقي وسفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر، من حديث عدي بن حاتم، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل". وفي لفظ [ابن] جرير، وابن أبي حاتم: "إنما هو ضوء النهار من ظلمة الليل".

وهذا يدل على أن مجرد طلوع الفجر الثاني، هو مبدأ الإمساك في الصوم، وذهب جماعة من المفسرين، إلى أن الخيط الأبيض، أن يكون الضوء منتشرًا مستفيضًا في السماء، يملأ بياضه وضوءه الطرق، فأما الضوء الساطع في السماء، فهو غير الذي عناه الله بقوله: {الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}.

وبذلك قال أبو مجلز، ورواه الأعمش عن مسلم وعطاء ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان؛ ورواه ابن جرير ووكيع وابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، عن سمرة بن جندب قال: "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال، ولا الفجر المستطيل، ولكن المستطير في الأرض" (١). وأخرجه الإمام أحمد، عن طلق بن علي، بلفظ: "ليس الفجر بالمستطيل في الأفق، ولكنه المعترض الأحمر" (٢).

وذهب جماعة الى أن الخيط الأبيض هو ضوء الشمس، والخيط الأسود هو سواد الليل. وروى ابن جرير هذا عن حذيفة والأعمش؛ وروى ابن جرير، عن هبيرة عن علي، أنه لما صلى الفجر، قال: "هذا حين يتبين الخيط الأبيض، من الخيط الأسود من الفجر"؛ وروي مثل هذا عن ابن مسعود، وروي عن إبراهيم


(١) هو في "إرواء الغليل" ٩١٥.
(٢) هو في "صحيح سنن الترمذي - باختصار السند" ٥٦٧.

<<  <   >  >>