للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى؛ وقال الحسن وإبراهيم: في المرضع والحامل إذا خافتا على أنفسهما، أو ولدهما تفطران، ثم تقضيان.

ونقل أبو حيان في "البحر" القول بمطلق المرض عن ابن سيرين والبخاري؛ وقال الرازي: إن (١) أي مريض كان، وأي مسافر كان، فله أن يترخص تنزيلًا للفظه المطلق على أقل أحواله، وهذا قول الحسن وابن سيرين. يروى أنهم دخلوا على ابن سيرين في رمضان وهو يأكل، فاعتل بوجع أصبعه. انتهى.

وحيث جرى الخلاف في معنى كلمة بني الكتاب العزيز، كان المرجع في تفسيرها، إما إلى لغة العرب، وإما إلى الحقيقة الشرعية، ولا يلتفت إلى ما اصطلح عليه بعد نزول الكتاب العزيز، ولما كان الفقهاء قد اختلفوا في حدّ المرض المبيح للفطر، رجعنا إلى اللغة، فنقلنا قول علمائها, وإليك قولهم:

قال في "العباب": المرض إظلام الطبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها. انتهى. وهو قول ابن الأعرابي، وبذلك فسره صاحب القاموس.

وقال ابن دريد: المرض السقم، وهو نقيض الصحة، يكون للإنسان والبعير، وهو اسم للجنس. انتهى.

وقوله: {مرضى} جمع مريض، ويجمع على مراضى أيضًا.

وقال ابن عرفة: المرض في الأبدان فتور الأعضاء، فعلى هذا فالمرض المبيح للفطر، هو الذي يكون منه انحراف الصحة عن اعتدالها الطبيعي، فكل مرض كان كذلك، جاز لمن ابتلي به الفطر.

وقوله تعالى: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ} يشمل كل سفر، طالت مسافته أو قصرت. قال الأزهري: وسمي المسافر مسافرًا، لكشف قناع الكن عن وجهه، وبروزه للأرض الفضاء. وقال المحقق شمس الدين محمَّد بن القيم، في كتابه "زاد


(١) في الأصل: "قال الرازي: المريض عبارة عن أي" والتصحيح من تفسير الفخر ٥/ ٨١.

<<  <   >  >>