للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقُرئ {حَرَّمَ} مسندًا إلى ضمير اسم الله، وما بعده منصوب، وهي قراءة الجمهور، فـ "ما" على هذا، مهيئة في {إِنَّمَا}، هيأت "إن" لولايتها الجملة الفعلية.

وقرأ ابن أبي عبلة برفع "الميتة" وما بعدها، فتكون "ما" موصولة اسم "إن"، والعائد محذوف، أي: إن الذي حرمه الله "الميتةُ"، وما بعدها خبر "إن".

وقرأ أبو جعفر "حُرِّم" مشددًا مبنيًا للمفعول، فاحتملت "ما" وجهين:

أحدهما: أن تكون موصولة اسم "إن"، والعائد الضمير المستكن في "حرم"، و"الميتةُ" خبر "إن".

والوجه الثاني: أن تكون "ما" مهيئة، و"الميتة" مرفوع بـ "حُرِّم".

وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: "إنما حَرُم" بفتح الحاء، وضم الراء مخففة، جعله لازمًا، و"الميتة" وما بعدها مرفوع، وتحتمل "ما" الوجهين من التهيئة والوصل، فعلى الأول "الميتة" فاعل بـ "حَرُم"؛ وعلى الثاني هي خبر "إن".

واختلفت القراءات أيضًا في {الْمَيْتَةَ}، فقرأها بعضهم بالتخفيف، وبعضهم بالتشديد، وهما لغتان معروفتان في القراءة وفي كلام العرب، والمراد من تحريم {الْمَيْتَةَ}، تحريم تناولها، فإن التحليل والتحريم إنما يتعلقان بالأفعال دون الأعيان؛ و"الميتة": ما فارقه الروح من غير ذبح، وهو مما يذكّى، إنما شأنه التذكية، فخرج السمك والجراد, لأنهما ليسا من شأنهما ذلك.

وقد روى الإِمام أحمد وابن ماجه والدارقطني، من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحل لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" (١). ورواه الدارقطني أيضًا من رواية عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه، بإسناده. قال الإِمام


(١) هو في "صحيح الجامع الصغير" ٢١٠.

<<  <   >  >>