للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودجلة الذي يخرج قبالة الموصل والفرات. فهذا يصرح بأن الجنة كانت في الأرض (١).

وقال منذر بن سعيد: والقول بأنها جنة في الأرض ليست جنة الخلد، قول أبي حنيفة وأصحابه.

وقد رأيت أقوامًا نهضوا لمخالفتنا في جنة آدم بتصويب مذهبهم من غير حجة، إلا الدعاوي والأماني، ما أتوا بحجةٍ من كتاب ولا سنة، ولا أثر عن صاحب، ولا تابع، ولا تابع التابع لا موصولًا ولا شاذًا مشهورًا، وقد وجدنا أن فقيه العراق، ومن قال بقوله، قالوا: إن جنة آدم ليست جنة الخلد، وهذه الدواوين منحوتة من علومهم، ليسوا عند أحد من الشاذين، بل بين رؤساء المخالفين.

وإنما قلت هذا ليعلم أني لا أنصر مذهب أبي حنيفة، وإنما أنصر ما قام لي عليه دليل من القرآن والسنة.

ثم نقل عن ابن عيينة أنه قال: في قوله تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨)} [طه: ١١٨] يعني في الأرض، ثم حكى كلام ابن قتيبة في المعارف، ولكنه مأخوذ كله من التوراة وحكى كلام وهب، وهو كذلك.

وصريح قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، يدل على أنه تعالى خلق آدم في الأرض، ولم يذكر في موضع واحد أصلًا أنه نقله إلى السماء بعد ذلك، ولو كان نقله بعد ذلك إلى السماء، لكان هذا أولى بالذكر، لأنه من أعظم الآيات، ومن أعظم النعم عليه، فإنه يكون معراجًا ببدنه وروحه من الأرض إلى فوق السماوات، وأما قوله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا} فإنه على حد قوله تعالى: {اهْبِطُوا مِصْرًا}، والعرب تقول: هبط فلان أرض كذا، يريدون أنه نزلها. وقال


(١) إن قول "التوراة" هذا غير صحيح نقلًا. ويخالف الواقع المشاهد المحسوس عقلًا. والتفصيل في هذا ما لم يستند إلى نص صريح صحيح. فلا تقوم به حجة. ولسنا مطالبين به.

<<  <   >  >>