للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورجح منذر بن سعيد (١) في تفسيره الثاني، وقال: إنه قول تكثر الدلائل الشاهدة له، الموجبة للقول به، وحكى أبو الحسن الماوردي هذا الخلاف في تفسيره، ثم قال: ومن قال بأنها جنة أعدها الله لآدم وحواء، وجعلها دار ابتلاء، وليست هي جنة الخلد التي جعلها دار جزاء، اختلفوا فيها على قولين: أحدهما أنها في السماء، لأنه أهبطهما منها وهذا قول الحسن، الثاني: أنها في الأرض لأنه امتحنهما فيها بالنهي عن الشجرة التي نهيا عنها دون غيرها من الثمار، وهذا قول ابن بحر، وكان ذلك بعد أمر إبليس بالسجود لآدم، والله أعلم بصواب ذلك، هذا كلامه.

وقد أطال الحافظ ابن القيم الكلام في هذه المسألة، وذكر حجج القائلين وما لها وما عليها، بإطناب يطول بيانه، وأودع ذلك كتابه "حادي الأرواح".

وحكى الخلاف أيضًا ابن الخطيب المعروف بالفخر الرازي، في تفسيره، وختمه بقوله: إن الكل ممكن، والأدلة النقلية ضعيفة ومتعارضة، فوجب التوقف وترك القطع، انتهى.

والحق في ذلك مع ابن الخطيب.

غير أن القائلين بأنها جنة في الأرض ليست جنة الخلد، يساعدهم ظاهر الآيات البينات، وهو الذي يلوح من التوراة، بل هي تصرح بذلك، فإن ترجمتها تقول: وكان ينبوع يظهر في قعر عدن، فيسقي جميع وجه الأرض، فجبل الله الرب آدم من تربة الأرض، ونفخ في وجهه نسمة الحياة، فصار آدم ذا نفس حية، وغرس الرب فردوسًا بعدن من قبل وأسكنه لآدم ... ثم قالت: وكان نهر يخرج من عدن فيسقي الفردوس، وكان ينفصل من هناك ويتفرق على أربعة أطراف، ثم ذكرت سيحون المحيط بأرض الهند، وجيحون المحيط بجميع أرض الحبشة،


(١) في الأصل سعيد بن منذر، وهو وهم وتصحيف.

<<  <   >  >>