للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال مُعَجِّبًا ممن اجترأ على نسبة ذلك إليه مع معرفة ما تقدم، عاطفًا على ما سبق من دعاويهم:

{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.

أي: ومن دعاويهم الباطلة، أنهم {وقالوا اتخذ الله} الذي له الكمال كله {ولدًا}، وقال {ولدًا}: الصالح للذكر والأنثى لينظم بذلك مقالات الجميع، ولما كان العطف على مقالات أهل الكتاب، ربما أوهم اختصاص الذم بهم، حذفت واو العطف في قراءة ابن عامر على طريق الاستئناف في جواب "من" كأنه قال: هل انقطع حبل افترائهم؟ إشارة إلى ذم كل من قال بذلك، وذلك إشارة إلى شدة التباسها بما قبلها، كما قال أبو علي الفارسي. وبغير واو هي في مصاحف أهل الشام، انتهى.

لأن جميع المتحزبين على أهل الإسلام مانعون لهم من إحياء المساجد بالذكر، لشغلهم لهم بالعدواة عن لزومها، والحاصل: أنه إن عطف كان انصباب الكلام إلى أهل الكتاب، وكان غيرهم تبعًا لهم للمساواة في المقالة، وإذا حذفت الواو انصب إلى الكل انصبابًا واحدًا.

ثم اعلم: أن ادعاء الولد لله كان شائعًا في جميع الأمم، ولم تزل له آثار إلى يومنا هذا، وأقدم القائلين بذلك هم الوثنيون، فإنهم قائلون بالأب والابن وروح القدس، وعنهم أخذ النصارى التثليث، ويسمي الوثنيون ذلك "ثري مورتي" أي: ثلاث هيئات، وادعى الأقدمون النبوة في "أورقية" ملك نزاس، وفي "أفلاطون" في القرن الحادي عشر قبل الهجرة، وفي "الإسكندر" وفي "هيركول" في القرن الثاني عشر قبل الهجرة.

وأما من ادعوا فيهم الألوهية والتجسد فكثيرون أيضًا، منهم "بوذا" المصلح الشهير لديانة البراهمة، ولد في القرن الحادي عشر قبل الهجرة، وزعم أتباعه فيه

<<  <   >  >>