للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال في "خلاصة التذهيب": وثقه أحمد وابن معين ودحيم والبخاري، وابن عدي في أهل الشام، وضعفوه في الحجازيين.

وروى حديث أبي أمامة أبو داود، من طريق ابن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، وشرحبيل وثقه العجلي وأحمد، وقال ابن معين: ضعيف. ورواه ابن ماجه من طريقهما أيضًا، ورواه أيضًا من طريق محمَّد بن شعيب بن شابور، عن أنس بن مالك، قال في "الزوائد": إسناده صحيح. ومحمد بن شعيب وثقه دحيم، وباقي رجال الإسناد على شرط البخاري. انتهى.

ومن هذا تعلم أن هذا الحديث مُتكلم فيه، وأنه لم يقول إلا بضم أسانيده بعضها إلى بعض، حتى تحصل له مرتبة العمل به، وأيًا ما كان فلا يصلح أن يكون ناسخًا للآية، ولا مخصصًا لها، على ما هو المختار عند الأصوليين، من أن نسخ الكتاب، ومتواتر السنة بآحادها، جائز عقلًا لا شرعًا.

وقد نقل الشيخ عبد الله المقدسي في كتابه "روضة الناظر" - وتبعه الطوفي في "مختصره" وشرحه - إجماع الصحابة على أن القرآن ومتواتر السنة لا يرفع بخبر الواحد، على أن الخلاف قد جرى في أن متواتر السنة هل ينسخ القرآن أم لا؟ فنقل في "الروضة الأصولية" أن الإِمام أحمد رضي الله عنه، قال: لا ينسخ القرآن إلا قرآن مثله يجيء بعده.

وحكى الآمدي هذا القول عن الشافعي وأكثر أصحابه، وأكثر الظاهرية، وحكي الجواز عن مالك والحنفية وابن سريج، وأكثر الأشاعرة والمعتزلة. قال القرافي: هو جائز عند أكثر أصحابنا. انتهى.

والأول هو الذي نختاره، وندين الله به، فإذا كان القرآن لا ينسخ بالمتواتر، فلأن لا ينسخ بالآحاد من باب أولى.

المسلك الثاني من مسلك الفقهاء: أنها منسوخة بآية المواريث، وإلى ذلك ذهب ابن عباس؛ كما دل على ذلك رواية البخاري المتقدمة عنه؛ وإلى ذلك ذهب الإِمام مالك، فقال في "الموطأ": قول الله تبارك وتعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ

<<  <   >  >>