للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البقاعي على هذه الإشارة، وزين بها كتابه، وأطال بها، أقدم على ما ذكره سابقًا من العطف، وانفتح له ذلك الباب المقفل.

ثم اعلم أن الحق تعالى واحد باعتبارين:

أحدهما: أنه ليست ذاته مركبة من [اجتماع] (١) أمور كثيرة.

والثاني: أنه ليس في الوجود ما يشاركه في كونه واجب الوجود، وفي كونه مبدأ (٢) لوجود جميع الممكنات.

وإنما خص تعالى هذا الموضع بذكر {الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}، لأن ذكر الإلهية والفردانية يفيد القهر والعلو، فعقبهما بذكر هذه المبالغة في الرحمة، ترويحًا للقلوب عن هيبة الإلهية، وعزة الفردانية، وإشعارًا بأن رحمته سبقت غضبه، وأنه ما خلق الخلق إلا للرحمة والإحسان.

ولما حكم تعالى بالفردانية والوحدانية، ذكر ثمانية أنواع من الدلائل التي يمكن أن يستدل بها على وجوده تعالى أولًا، وعلى توحيده وبراءته عن الأضداد والأنداد ثانيًا، فقال:

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا


(١) زيادة من الفخر الرازي.
(٢) لقد اعتمد المؤلف - رحمه الله - على أصح ما وجد من أقوال في المنقول والمعقول. وعند علماء الهيئة. وابتعد ما أمكنه عن سخافات أهل الإشارة والأفلاك والسحر وما إليها.
ولكن العلم الحديث في أواخر القرن الرابع عشر الهجري المنصرم، وأواخر هذا القرن العشرين أوصل أهله إلى حقائق علمية مذهلة، بعد سبر الأجواء والاطلاع على أحوال الكواكب عن قرب بوساطة الأقمار الصناعية.
وصل العلم إلى ما أذهل أهله من صدق القرآن الكريم في جميع ما يتعلق بالكون والأفلاك والمجرات .. مما لم يكن معروفًا عند أحد خلال العصور والدهور .. والله سبحانه أصدق القائلين.

<<  <   >  >>