للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالعقل والدماغ، وكمن يتعلم فنون الفلك من تشريح الأفلاك، ورصد كواكبها، ومعرفة فن الميقات بها، ثم يترك ذلك ويشتغل بفن أحكام النجوم ليتوصل إلى كشف المغيبات بزعمه.

وإلى استخدام روحانية الكواكب على نمط مخصوص كما جرى ذلك لأهل بابل، فإنهم توغلوا في هذا النوع حتَّى ادعوا ألوهية الكواكب، وجعلوها معبودة لهم من دون الله تعالى، وصوروا لها صورًا ورتبوا لها الأدعية وقربوا لها القربان، واخترعوا لعبادتها لباسًا مخصوصًا، وهذا كله معلوم لمن اطلع على البقية الباقية من الكتب المأخوذة عن القوم، ولهذا كثر الرد عليهم في القرآن الكريم، ونبهنا تعالى عن أن نكون مثلهم في هذه الآية الكريمة. فتأمل ما أجملناه هنا، فلعله أن يكون مرادًا من هذه الآية الكريمة، وهو تعالى الهادي.

وقوله: {على الملكين}، قرأهما الحسن بكسر اللام، وهو مروي عن "الضحاك، وابن عباس" وأما {بابل}، فقال في القاموس: بابل كصاحب، موضع بالعراق ينسب إليه السحر والخمر، وقال أبو معشر: الكلدانيون هم الذين كانوا ينزلون ببابل في الزمن الأول، ويقال: إن أول من سكن بابل نوح عليه السلام، وهو أول من عمرها وكان نزلها عقب الطوفان، فسار هو ومن خرج معه من السفينة إليها لطلب الدفء، فأقاموا بها وتناسلوا فيها، وكثروا من بعد نوح وملكوا عليهم ملوكًا وابتنوا بها مدائن، فصارت مساكنهم متصلة بدجلة والفرات إلى أن بلغوا من دجلة إلى أسفل كسكر، ومن الفرات إلى ما وراء الكوفة، وموضعهم هو الَّذي يقال له: السواد، وكانت ملوكهم تنزل بابل، وكان الكلدانيون جنودهم، فلم تزل مملكتهم قامْة إلى أن قتل "دارًا" آخر ملوكهم، ثم قتل منهم خلق كثير، فذلوا وانقطع ملكهم كذا في "معجم البلدان" لياقوت.

وقال "هشام بن محمد": إن الَّذي بنى مدينة بابل "بيوراسف الجبار" واشتق اسمها من اسم المشتري، لأنَّ بابل باللسان البابلي الأول، اسم لكوكب المشتري، وذكر في التوراة أن آدم عليه السلام كان في أول أمره مقيمًا ببابل.

<<  <   >  >>