للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: ٤٠] وتكرير هذه الآية يدل، والله أعلم، على أنه متى اختلفت الأوقات والأحوال والمواطن، لم يكن التكرار عبثًا فكأنه تعالى قال: ما هذا إلا شر، فوصف هؤلاء الأنبياء فيما أنتم عليه من الدين، لا يسوغ التقليد في هذا الجنس، فعليكم بترك الكلام على إبراهيم وما عطف عليه من تلك الأمة، فلها ما كسبت، وانظروا فيما دعاكم إليه محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن ذلك أنفع لكم وأعود عليكم بكل خير، ولا تسألون إلا عن عملكم، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: ٨].

يقول الفقير عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بدران:

إلى هنا انتهى بنا المجال على سبيل الاختصار، في تفسير الجزء الأول من كتاب الله تعالى، مع العجز والتقصير، وكنت ابتدأت به من قبل بسنين تعد بالسبع أو الثمان، فكتبت منه قطعة ثم منعتني عنه موانع، وصرفتني عنه أمور، منها اشتغالي بتهذيب تأريخ الإمام أبي القاسم علي ابن عساكر، الذي يربو تهذيبه عن الثلاثة عشر مجلدًا، ومنها بعض مؤلفات اقتضت الضرورة تقديمها، ومنها أشغال تشغل القلب وتعلّه، ليس هنا مواضع ذكرها، ثم لما فرغت من "تهذيب تأريخ ابن عساكر"، صرفت العناية نحو إتمامه حتى وقع الفراغ منه يوم الجمعة الحادي عشر من شهر شوال سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة بعد الألف، أيام كانت نار الحرب مشتعلة في جميع أقطار المعمور، وغلاء ما يحتاجه الإنسان يفوق التصور، والأكدار تصب صبًا، وريح التقلبات يعلو على النكباء، فالله حسبنا ونعم الوكيل، وقد خطر لي أن أسمي الكتاب كله "جواهر الأفكار، ومعادن الأسرار، المستخرجة من كلام العزيز الجبار" أسأله تعالى الإعانة على إتمامه بفضله وكرمه.

يتلوه تفسير الجزء الثاني: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ} الآية.

<<  <   >  >>