للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيسرهما" (١). وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]، وقال: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧].

ولما كانت علة التيسير المؤكد بنفي التعسير الإطاقة، فكان التقدير: "لتطيقوا ما أمركم به، ويخف عليكم أمره عطف عليه قوله: {وَلِتُكْمِلُوا}، مأخوذ من الإكمال، وهو: بلوغ الشيء إلى غاية حدوده، في قدر أو عدد، حسًا أو معنى.

{الْعِدَّةَ}: أي: عدة أيام رمضان مما أفطرتم من أيام أُخر، فهذه الآية علة الأمر بمراعاة العدة.

وقوله: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}، علة ما علم من كيفية القضاء، والخروج من عهدة الفطر.

وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، علة الترخيص والتيسير. قال في "الكشاف": وهذا نوع من اللف لطيف المسلك، لا يكاد يهتدي إلى تبيينه إلا النقاب المحدث من علماء البيان. و"التكبير": تعظيم الله والثناء عليه.

ولما قال تعالى، بعد إيجاب فرض الصوم، وبيان أحكامه: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}؛ فأمر العبد بالتكبير الذي هو الذكر، وبالشكر، بيّن سبحانه أنه بلطفه ورحمته قريب من العبد، مطلَّع على ذكره وشكره، فيسمع نداءه، ويجيب دعاءه، ولا يخيب رجاءه، فقال:

{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)}.

وفي تعقيب هذه الآية لما قبلها، إشارة إلى أن الدعاء لا بد وأن يكون مسبوقًا بالثناء الجميل، لأنه تعالى أمر أولًا بالتكبير، ثم رغب في الدعاء ثانيًا، كما


(١) أخرجه البخاري ٣٥٦٠، ومسلم ٢٣٢٧. وقد دمج المؤلف بين الأحاديث الثلاثة لأنه نقل عبارة "البحر"!

<<  <   >  >>