للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سفر، عدة من أيام أُخر يصومها، بدلًا مما فاته من صوم رمضان، فكما أنه لم يجز للمقيم الصحيح الإفطار، لم يجز للمريض والمسافر الفطر.

ويؤيد هذا ما رواه ابن جرير، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصائم في السفر كالمفطر في الحضر" (١).

وذهب قوم إلى أن الفطر في السفر رخصة، فقالوا: إن صام في السفر سقط عنه القضاء في الحضر.

وروي هذا عن عمر بن عبد العزيز، وأنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع، وعطاء، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، وأُبي بن كعب، والأسود ابن يزيد، وعمرو بن ميمون، وأبو وائل، والقاسم بن محمد، وابن جرير الطبري، وهذا يدل عليه قوله تعالى:

{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}. ولا عسر أعظم من إلزام من صام رمضان في السفر، أن يصومه أو بعضه في الحضر، وقد تكلف أداء فرضه في أثقل الحالين عليه، حتى قضاه وأداه.

ويؤيد هذه الأحاديث الصحيحة، وهذه الآية، وإن وردت عقب آية الصوم.

وروي عن علي وابن عباس، ومجاهد والضحاك: أن اليسر في هذه الآية، الفطر في السفر، وأن العسر الصوم فيه.

إلا أنها تحمل على العموم، وتتخذ قاعدة، في أنه كلما دار الأمر بين الحكم على الشيء بتغليظ، وبين الحكم عليه بسهولة، كان جانب السهولة راجحًا على جانب العسر، وذلك في جميع الأحوال الدنيوية والأخروية، وفي الحديث: "دين الله يسر" (٢)؛ يسر ولا تعسر (٣)؛ و"ما خيّر - صلى الله عليه وسلم -، بين أمرين إلا اختار


(١) هو في "ضعيف الجامع الصغير" ٣٤٥٦.
(٢) هو في "صحيح الجامع الصغير" ١٦١١.
(٣) هو في "صحيح الجامع الصغير" ٨٠٨٦ و ٨٠٨٧ بلفظ: "يسروا ولا تعسروا".

<<  <   >  >>