للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عباس وقتادة والربيع والسدي، ولقد أطال الرازي هنا بشرح الحسد وتقبيحه، ونقل قول الغزالي في "إحياء علوم الدين" فيه، وذكر أحاديث لم ينسبها إلى مخرجها، ولما كان محل ذلك كتب "الترغيب والترهيب" وكتب الوعظ كـ "الإحياء" وغيره أضربنا عنه.

ولما أمر تعالى بالعفو والصفح عن اليهود، عقبه بقوله:

{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.

تنبيهًا على أنه كما ألزمهم العفو والصفح لحظ الغير وصلاحه، فكذلك لحظ أنفسهم وصلاحها، القيام بالصلاة والزكاة الواجبتين، ونبه بهما على ما عداهما من الواجبات، ثم قال بعده: {وما تقدموا لأنفسكم من خير} والمراد به التطوعات من الصلوات والزكوات، وقوله تعالى: {تجدوه عند الله} معناه: تجدوا ثوابه وجزاءه عند الله، ثم قال: {إن الله بما تعملون بصير} أي: أنه لا يخفى عليه القليل ولا الكثير من الأعمال، وهو ترغيب من حيث يدل على أنه تعالى يجازي على القليل كما يجازي على الكثير، وتحذير من خلافه الذي هو الشر، وأما الخير فهو النفع الحسن وما يؤدي إليه، فلما كان ما يأتيه المرء من الطاعة، يؤدي به إلى المنافع العظيمة، وجب أن يوصف بذلك، وعلى هذا الوجه قال تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: ٧٧].

ثم إنه تعالى ذكر النوع الرابع من تخليط اليهود، وإلقاء الشبه في قلوب المسلمين، فقال:

{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١١١) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}.

{وقالوا} أي: أهل الكتاب من اليهود والنصارى حسدًا منهم على المسبب

<<  <   >  >>