للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أموالكم، وحروب تكون بينكم وبين أعدائكم من الكفار فينقص لها عددكم، وموت ذراريكم وأولادكم، وجدوب تحدث فتنقص لها ثماركم، كل ذلك امتحان مني لكم، واختبار مني لكم، فيتبين صادقوكم في إيمانهم من كاذبيهم فيه، ويعرف أهل البصائر في دينهم منكم، من أهل النفاق فيه، والشك والارتياب، كل ذلك خطاب منه تعالى لنبيه وأصحابه. انتهى.

أي: ولأمته، فكأن ابن جرير تكلم عن الحالة التي نحن عليها من عام اثنين وثلاثين وثلاثمئة وألف، إلى عام كتابتنا في تفسير هذه الآية، في العشرين من شعبان من سنة خمس وثلاثين. فإننا ابتلينا بجميع ذلك، وارتفعت الأسعار من الواحد إلى ما فوق العشرة، وأظهر أكثر الناس ما في دخائلهم من النفاق والغش والفجور، وعبد التجار الدرهم والدينار علنًا، واحتكروا كل ما من شأنه أن يكون قوتًا أو ملبوسًا، وعقدوا النية على ضرر الأمة، وضرر الوطن والدولة، وكل ما يلوذ بالحكومة، وقد أخرجت الحكومة بدلًا عن النقود قراطيس، وسمتها بوسام خاص بها، أظهرتها للتداول بها، لتقوم بها أودها، وتستغني عن أموال الأعداء، فاتخذها التجار تجارة، وتلاعبوا بها أيما تلاعب، وأنقصوها عن أثمانها نقصًا فاحشًا، فأضروا بذلك بالمجاهدين وبعيالهم وبأولادهم، بل وبالأمة أجمع، وظهروا بمظهر لم يظهر به المنافقون الذين كانوا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعشرة، وأكثروا من الإرهاب، واختلاق الأباطيل ما لم يكن يظن ظهوره، ويعجز القلم عن شرحه، وأظهر الباعة منهم من السفه والتعدي، ونقص الكيل والميزان، وإطالة اللسان، وكشف نقاب الحياء، ما لم يظهر في أمة من الأمم، ومن فساد الأخلاق ما لم يكن مثله في الجاهلية الأولى، فحسبنا الله ونعم الوكيل عليهم (١) ويرحم الله الربيع حيث قال في تفسير هذه الآية: قد كان ذلك، وسيكون ما هو أشد من ذلك انتهى.


(١) يشير إلى ما كان في الحرب العالمية الأولى. وما أشبه الليلة بالبارحة. حتى ما ذكر من انخفاض قيمة العملة. كما نشاهد الآن خلال هذه السنوات العشر في لبنان وغيره، وما زالت الفروق تزيد والنقص عشرات المرات، نسأل الله الفرج للبلاد والعباد.

<<  <   >  >>