حصلت شرائط وجوب القود (١)، فإنه لا يحل للإمام أن يترك القود, لأنه من جملة المؤمنين، إلا إذا أراد ولي الدم العفو.
وتدل الآية أيضًا على أن القاتل كتب عليه تسليم نفسه عند مطالبة الولي بالقصاص، وليس له أن يمتنع، ولا أن ينكر, لأن القصاص حق الآدمي، بخلاف الزاني والسارق، فإن لهما الهرب من الحد، ولهما أيضًا أن يستترا بستر الله ولا يقرّا, لأن حدهما حق لله تعالى لا لغيره.
وفي الآية دليل على إيجاب القتل, لأنها تدل على إيجاب التسوية فيه بين الأحرار والعبيد وغيرهم، والتسوية في القتل صفة القتل، وإيجاب الصفة يقتضي إيجاب الذات، وأيضًا فإنه لو لم تدل الآية على وجوب القصاص، لما كان لقوله تعالى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} معنى مفهوم, لأنه لا عفو بعد القصاص، فيقال:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}.
وأفادت الآية أيضًا المكافأة، بأن لا يفضل القاتل المقتول حال الجناية بالإِسلام، أو الحرية، أو الملك، فلا يقتل المسلم ولو عبدًا، بالكافر ولو حرًا، ولا ذميًا بالعبد ولو مسلمًا، ولا المكاتب بعبده ولو كان ذا رحم محرم له.
ويقتل الحر المسلم ولو ذكرًا، بالحر المسلم ولو أنثى، والرقيق كذلك، وبمن هو أعلى منه، والذمي كذلك.
وقوله تعالى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} الآية، معناه: فهذا عما ولي الدم، عن شيء يتعلق بالقاتل، فليتبع القاتل ذلك العفو بمعروف؛ وقوله {شَيْءٌ} مبهم، فلا بد من حمله على الذكور السابق، وهو وجوب القصاص إزالة للإبهام.
فتقدير الآية إذن: إذا حصل العفو للقاتل عن وجوب القصاص، فليتبع القاتل العافي بالمعروف، وليؤد إليه مالًا بإحسان، وبالإجماع لا يجب أداء غير