للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{الرَّفَثُ}، كناية عن الجماع في هذا الموضع، يقال: هو {الرَّفَثُ} والرفوث، وقد روي أنها في قراءة عبد الله بن مسعود: "أحل لكم ليلة الصيام الرفوث إلى نسائكم".

وهو قول قتادة ومجاهد، وسالم بن عبد الله، والسدي، وابن عباس، وقال: {الرَّفَثُ}: الجماع. ولكن الله كريم يكني؛ و {الرَّفَثُ} في غير هذا الموضع، الإفحاش في المنطق، كما قال العجاج (١):

عن اللَّغَا ورفث التكلُّمِ.

وعدى الرفث بـ {إِلَى}، مع أنه يتعدى بالباء، لتضمنه معنى الإفضاء، قال تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: ٢١]، كأنه قيل: أحل لكم الإفضاء إلى نسائكم بالرفث.

{هُنَّ} أي: نساؤكم {لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} وجه هذا، أنه لما كان الرجل والمرأة يعتنقان، ويشتمل كل واحد منهما على صاحبه في عناقه، شبه باللباس المشتمل عليه. قال الجعدي:

إذا ما الضَّجِيجُ ثَنى عِطفَها ... تَثَنَّت، فكانَتْ عَليهِ لِباسَا (٢)

قال في "الكشاف": وجعل موقع {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ} استئنافًا، كالبيان لسبب الإحلال، وهو أنه إذا كانت بينكم وبينهن مثل هذه المخالطة والملابسة، قَلَّ


(١) هي في ديوانه ص ٤٥٦ - بتحقيق د. السطلي-. قال الأستاذ شاكر: من رجز له طويل، حمد فيه الله ومجده بقوله:
فالحمد لله العليِّ الأعظمِ ... ذي الجبروت والجَلالِ الأفخم
وعالِمِ الإعلانِ والمُكَتَّمِ ... ورَبِّ كل كافرٍ ومسلم
ثم عطف على قوله: "ورب كل كافر ومسلم" عطوفًا كثيرة حتى انتهى إلى:
ورَبِّ أسراب حَجيج كُظَّمِ ... عن اللَّغَا ورَفَثِ التَّكَلُّمِ
(٢) هو في لسان العرب ٣/ ٣٣٥.
وانظر كتاب "شعر النابغة الجعدي" طبع المكتب الإسلامي، الصفحة ٨١، وفيه:
إذا ما الضجيج ثنى جِيدَها ... تثنت عليه فكانت لِباسا

<<  <   >  >>