سبب نزول هذه الآية، ما رواه البخاري في صحيحه، بسنده إلى البراء بن عازب، قال: لما نزل صوم رمضان، كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله تعالى:{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}.
وأخرج أيضًا بسنده إلى الشعبي، عن عدي بن حاتم، قال: أخذ عديُّ عقالًا أبيض، وعقالًا أسود، حتى كان بعض الليل، نظر فلم يستبينا، فلما أصبح قال: يا رسول الله، جعلت تحت وسادتي، قال:"إن وسادك إذًا لعريض، إن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادتك". وفي رواية له عن عدي، قال: قلت: يا رسول الله، ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ أهما الخيطان؟ قال:"إنك لعريض القفا، إن أبصرت الخيطين" ثم قال: "لا، بل هو سواد الليل وبياض النهار".
وأخرج أيضًا عن سهل بن سعد الساعدي قال: أنزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ولم ينزل {مِنَ الْفَجْرِ} وكان رجال إذا أرادوا الصوم، ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعده، {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أنما يعني الليل من النهار.
فقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ}، معناه: أطلق {لَكُمْ} وأبيح؛ ويعني بقوله:{لَيْلَةَ الصِّيَامِ}، في {لَيْلَةَ الصِّيَامِ}، وليس المراد من ليلة الصيام ليلة واحدة، بل المراد الإشارة إلى الليلة المضافة إلى هذه الحقيقة.
وقال الواحدي: أراد بـ {لَيْلَةَ الصِّيَامِ} ليالي الصيام، فوقع الواحد موقع الجماعة.