للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} نسخها ما نزل من قسمة الفرائض، في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ. انتهى.

ولما كان قول ابن عباس اجتهادًا منه، ولم يكن من جنس المرفوع، وصار مالك إليه تقليدًا، جاز أن يناقش فيه، بأن يقال: إن نسخ هذه الآية بآية المواريث بعيد, لأنه لا يمتنع مع قدر من الحق بالميراث، وجوب قدر آخر بالوصية، وأكثر ما يوجبه ذلك التخصيص لا النسخ، بأن يقول قائل: إنه لا بد وأن تكون منسوخة فيمن لم يخلف إلا الوالدين، بحيث يصير كل المال حقًا بسبب الإرث، فلا يبقى للوصية شيء، إلا أن هذا تخصيص لا نسخ.

وممن ذهب إلى أن هذه الآية محكمة غير منسوخة، أبو مسلم الأصفهاني، وقرر فخر الدين الرازي مذهبه من وجوه:

أولها: أن هذه الآية ما هي مخالفة لآية المواريث، ومعناها: كتب الله عليكم ما أوصى به الله تعالى من توريث الوالدين والأقربين، من قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] أو كتب على المحتضر أن يوصي للوالدين والأقربين، بتوفير ما أوصى به الله لهم عليهم، وأن لا ينقص من أنصبائهم.

وثانيها: أنه لا منافاة بين ثبوت الميراث للأقرباء، مع ثبوت الوصية بالميراث عطية من الله تعالى، والوصية عطية ممن حضره الموت، فالوارث جمع له بين الوصية والميراث، بحكم هاتين الآيتين.

وثالثها: لو قدرنا حصول المنافاة، لكان يمكن جعل آية الميراث مخصصة لهذه الآية، وذلك لأن هذه الآية توجب الوصية للأقربين، ثم آية الميراث تخرج القريب الوارث، ويبقى القريب الذي لا يكون وارثًا داخلًا تحت هذه الآية، وذلك لأن من الوالدين من يرث، ومنهم من لا يرث، وذلك بسبب اختلاف الدين والرق والقتل، ومن الأقارب الذين لا يسقطون في فريضة من لا يرث بهذه الأسباب الحاجبة، ومنهم من يسقط بحال، ويثبت في حال، إذا كان في الواقعة من هو

<<  <   >  >>