للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قرن ثور، وليس شيء من هذا ما صح نقله عن السلف، وإنما يعد من كلام الإسرائيليين، دسُّوه فيما بين القوم ليجد الضال مطعنًا على السلف، وقد كنت رأيت قديمًا كتابًا ترجم عن اللغة اليونانية يحتوي على بيان خرافات اليونان، يعني على الرموز التي رمزها الفلاسفة الأقدمون، فرأيت هذه معدودة في جملة الخرافات، وتأملتها فوجدت مخترعها قد رمز بها إلى الجاذبية، فهو يزعم بها أن الأرض مجذوبة بجاذبية الثور والحوت، اللذين هما من جملة منازل الشمس، وكحكاية هاروت وماروت وغيرها، مما هو في الأصل رمز فأخذه بعضهم على الحقيقة وشحن به سفن علمه هذا.

وقد علم من نص القرآن الكريم أن السماوات سبع، ولعلماء الهيئة الجديدة هنا اعتراضان:

أحدهما: على قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}، فيقولون: لا وجود للأفلاك كليًا، وهذا المرئي إنما هو بُعدٌ مجرد عن المادة، ويعتقدون أن الكواكب تدور بحركتها اللازمة على مدار موهوم.

الثاني: أنّا لو سلمنا أن المراد بالسماوات السيارات السبع، لانتقض الحصر بأن "الهرشل" أحد الراصدين من الإنكليز، اكتشف كوكبًا يتم دوره في أربع وثمانين سنة شمسية، وثمان وعشرين يومًا، وعده من الأفلاك الكلية وسماه باسمه، أعني: فلك الهرشل، ويقال له أيضًا: "أورانوس" وقد قال: إن الكواكب الست اتخذته مركزًا تدور حوله.

وأقول: قد تقدم في تفسير قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [البقرة: ٢٢]، معنى السماء، وأنه: كل ما علاك فأظلك، ومن المحقق أن القرآن نزل بلغة العرب، وإليها يرجع في تفسيره، ولم نجد في القرآن تعداد الأفلاك بسبع، وإنما هو اصطلاح لعلماء الهيئة الأقدمين والمتقدمين، كما مر بك بيانه، وفرق في اللغة بين الفلك والسماء، ففي القاموس: الفلك: مدار النجوم، والجمع أفلاك، وفلك بضمتين، وموج البحر المضطرب، والماء الذي حركته الريح، والتل من الرمل حوله فضاء، وقطع من الأرض تستدير وترتفع عما حولها، انتهى.

<<  <   >  >>