وجنح إلى هذا كثيرون منهم الزمخشري وفخر الدين الرَّازي، وهو الذي نختاره، قال في الكشاف: سأل رجل الحسن البصري عن الخطيئة، فقال: سبحان الله ألا أراك ذا لحية، وما تدري ما الخطيئة؟ انظر في المصحف فكل آية نهى الله فيه عنها، وأخبرك أنَّه من عمل بها أدخله النَّار فهى الخطيئة. انتهى.
فإن قيل: هذه الآية وردت بحق اليهود، قلنا العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولبعض المفسرين والمتكلمين مسارح في هذا المقام طويلة جدًا حاصلها أن هنا ثلاثة مذاهب:
أولها: إثبات الخلود في النَّار لأهل الكبائر الذين ماتوا ولم يتوبوا منها، وهو قول جمهور المعتزلة والخوارج، ومنهم من أثبت وعيدًا منقطعًا، وهو قول بشر المريسي والخالدي.
وثانيها: القطع بأنه لا وعيد لهم، وهو قول شاذ ينسب إلى مقاتل بن سليمان المفسر.
وثالثها: القطع بأنه سبحانه وتعالى يعفو عن بعض العصاة، ويعذب ببعض المعاصي، مع التوقف في حق كل أحد على التعيين، أنَّه هل يعفو عنه أم لا، والقطع بأنه تعالى إذا عذب أحدًا منهم مدة، فإنَّه لا يعذبه إلى الأبد، بل يقطع عذابه، وهذا قول أكثر الصحابة والتابعين، وهو قول جمهور العلماء، وأكثر الإمامية، ولكل من هذه الفرق [أدلة](١) يطول بيانها، ومحلها كتب الكلام، وقد ذكر الرَّازي منها جملًا.
ولما كان من فضله تعالى، أنَّه لا يذكر في القرآن آية في الوعيد إلَّا ويذكر بجنبها آية الوعد، قال: