والظاهر: أن ضمير {بَدَّلَهُ} يعود على {الْوَصِيَّةُ}، بمعنى الإيصاء؛ أي:{فَمَنْ} بدل الإيصاء عن وجهه، إن كان موافقًا للشرع، {بَعْدَ مَا سَمِعَهُ} سماع تحقق وتثبت. وعوده على الإيصاء أولى من عوده على {الْوَصِيَّةُ} , لأن تأنيث {الْوَصِيَّةُ} غير حقيقي, لأن ذلك لا يراعى في الضمائر المتأخرة عن المؤنث المجازي، بل يستوي المؤنث الحقيقي والمجازي في ذلك. تقول: خرجت والشمس طلعت، ولا يجوز طلع، إلا في الشعر.
والضمير في {سَمِعَهُ} عائد على الإيصاء كما شرحناه، وقيل: يعود إلى أمر الله.
وقوله:{فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ}{فَإِنَّمَا} للحصر، أي: فما إثم الإيصاء المغير، أو ما إثم التبديل، إلا على مبدليه دون غيرهم من الموصي أو الموصى له، وغيرهما لأنهما بريئان من الحيف.
ولما كان للموصي والمبدل، أقوال وأفعال ونيات، حذر تعالى بقوله:{إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، أي:{سَمِيعٌ} لما يقوله كل منهما، {عَلِيمٌ} بسره وعلنه بذلك، فليحذر من عمل السوء، ومن دعاء المظلوم، فإنه مستجاب.
ولما كان التحذير من التبديل، إنما هو في عمل العدل، وكان الموصي ربما جارٍ في وصيته، لجهل أو غرض، تسبب عنه قوله:
الظاهر أن الخوف هو الخشية هنا، جريًا على أصل اللغة في الخوف، فيكون المعنى: ومن توقع الجنف أو الإثم من الموصي. قال مجاهد: المعنى من خاف أن يجنف الموصي، ويقطع ميراث طائفة، ويتعمد الأذية أو يأتيها دون تعمد، وذلك هو الجنف، دون إثم، وإذا تعمد فهو الجنف في إثم، فوعظه في