للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فنسأله تعالى أن يخلص المسلمين من أسر الكفرة الأشرار، وأن لا يولي عليهم غير أهل دينهم وملتهم.

ثم إنَّه تعالى ذكر الإنعام الثالث بقوله:

{وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢)}.

لما خرج موسى عليه السَّلام بقومه وصار عند جبل سيناء، بعد أن حارب "عماليق" وانتصر عليه، جلس يومًا ليقضي بين النَّاس، فمكث من الصباح إلى المساء، والنّاس أمامه وقوفًا، وكان "يثرون" كاهن مدين، أحد أقارب زوجة موسى جالسًا معه، فقال له: ما بال الشعب واقفًا هذه المدة، فقال موسى: إنَّما يأتيني لأقضي بينه، فقال يثرون: إن هذا الأمر أعظم منك، لا تستطيع أن تصنعه وحدك، بل علم القوم الفرائض والشرائع، وعرفهم الطَّريق الذي يسلكونه، والعمل الذي يعملونه، وانظر إلى ذوي القدرة الأمناء الخائفين الله تعالى، المبغضين للرشوة، واجعلهم رؤساء ألوف، ورؤساء مئين، ورؤساء خمسين، ورؤساء عشرات، فيقضون للشعب كل حين، واجعلهم قضاة للشعب في الدعاوي الصغيرة، وأمَّا الدعاوي الكبيرة فتكون أنت الذي يقضي بها، فحينئذ طلب موسى عليه السَّلام. هذا ما يؤخذ من التوراة التي بأيدينا اليوم.

وقال صاحب الكشاف: لما دخل بنو إسرائيل مصر بعد هلاك فرعون، ولم يكن لهم كتاب ينتهون إليه، وعد الله موسى أن ينزل عليه التوراة، وضرب له ميقاتًا، ذا القعدة وعشر ذي الحجة، انتهى.

وقيل: أربعين ليلة لأنَّ الشهور غرّرها بالليالي، فالأربعون ليلة كلها داخلة في الميعاد.

والأول أقرب للصواب، وكل قوم أعلم بتاريخهم من غيرهم.

<<  <   >  >>