للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاسم الذي هو في المسجد الحرام، و "المصلى" موضع الصلاة، أمروا أن يصلوا عنده.

وقوله تعالى: {وعهدنا} معناه أمرنا، أو وصينا، أو أوحينا، أو قلنا إلى إبراهيم وإسماعيل: {أن طهرا بيتي} عن كل رجس حسي، ومعنوي، فلا يفعل بحضرته شيء لا يليق في الشرع، وإضافة البيت إليه تعالى إضافة تشريف لا مكان محل لله تعالى، والمراد بـ {الطائفين} من يقصد البيت حاجًا أو معتمرًا فيطوف به، وبـ {العاكفين} من يقيم هناك ويجاور، وبـ {الركع السجود} من يصلي هناك.

ولما ذكر الله تعالى أمر البيت على ما تضمنته الآية الشريفة ذكر باهتمامه بأهله، ودعائه لهم مبكتًا لمن عق إبراهيم من ذريته، فقال:

{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)}.

{رب} منادى مضاف إلى الياء، ونادى إبراهيم بلفظ الرب مضافًا إليه، لما في ذلك من تلطف السؤال والنداء، بالوصف الدال على قبول السائل، وإجابة ضراعته، وأسقط ياء النداء الدالة على البعد من اللفظ إنباءً بقربه، كما هو حال أهل الصفوة، {اجعل} بمعنى صيِّر، و {هذا البلد} أي الموضع الذي جعلت فيه بيتك، وأمرتني بأن أسكنه من ذريتي، أي صيره بلدًا يأنس من يحل به أمنًا، إفصاحًا بما أفهمه، {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ}، وقوله: {آمنًا} أي ذا أمن كقولهم عيشة راضية، أي ذات رضا أو على الاتساع، لما كان يقع فيه الأمن جعله {آمنًا}، كقولهم نهارك صائم، وليلك قائم، وأطلق تعالى قوله: {آمنًا} ولم يقيده بشيء، واختلف كلام المفسرين في تقييده على عادتهم، فقيل: {آمنًا} من الجبابرة والمتسلطين، أو من أن يعود تحريمه حلالًا، أو من أن يخلو من أهله، أو {آمنًا} من القتل، أو من الخسف والقذف، أو من القحط والجدب، أو من دخول الدجال، أو من أصحاب الفيل، أو معناه مأمونًا فيه ... إلى غير ذلك مما لا يخلو

<<  <   >  >>