فقد ذلّل نفسه لاحتمال المشقة فيما عداها من العبادات، ولذلك قال تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: ٤٥].
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} يعني: في النصر لهم، فكأنه ضمن لهم إذ هم استعانوا على طاعته {بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ}، أن يزيدهم توفيقًا وتسديدًا وإلطافًا.
وجه تعلق هذه الآية بما قبلها، كأنه قيل:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} في إقامة ديني، فإن احتجتم في تلك الإقامة إلى مجاهدة عدوي بأموالكم وأبدانكم، ففعلتم ذلك، فَتَلِفَتْ نفوسكم، فلا تحسبوا أنكم ضيعتم أنفسكم، بل اعلموا أن قتلاكم {أَحْيَاءٌ} عندي.
قيل: إن هذه الآية نزلت في قتلى بدر.
وقيل: إن الكفار والمنافقين قالوا: إن الناس يقتلون أنفسهم طلبًا لمرضاة محمد من غير فائدة، فنزلت.
والصحيح عندي: أن هذه الآية مرتبطة بما قبلها، وبينهما التناسب الذي ذكرنا، فإن صح سبب نزولها فهو عارض لا أصلي.
وهذه الآية تدل على أن الشهداء {أَحْيَاءٌ} حياة لا شعور لنا بها، كما قال تعالى:{وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} أي: أنها ليست مما يُشعر به بالمشاعر الظاهرة من الحياة الجسمانية، وإنما هي أمر روحاني لا يدرك بالعقل بل بالوحي.
وقوله:{وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} يشير إلى أن حياة الشهداء عند ربهم أكمل من