ومقابلتهم كل نعمة منها بالكفران، ومنها تحذير أهل الكتاب الموجودين حين نزول القرآن من نزول العذاب عليهم، كما نزل بأسلافهم من قبل ومنها الاحتجاج على المشركين من العرب المنكرين للحشر والنشر، وهو المراد من قوله تعالى:{كذلك يحيي الله الموتى} وقد كان النبي - صَلَّى الله عليه وسلم -، يضيق صدره بسبب عناد أولئك القوم وتمردهم، مع شدة حرصه على الدعاء إلى الحق، وقبولهم الإيمان منه، فقص الله أخبار بني إسرائيل في العناد العظيم مع مشاهدة الآيات الباهرة، تسلية لرسوله فيما يظهر من أهل الكتاب في زمنه، من قلة القبول والاستجابة، فقال تعالى:
الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، والطمع: تعلق البال بالشيء من غير تقدم سبب له، {أن يؤمنوا} هؤلاء الذين بين أظهركم، وقد سمعتم ما اتفق لأسلافهم من الجفاء والغلظة، والخلف منهم راضون بذلك، ولو لم يكونوا راضين به لآمنوا بمجرد هذا الإخبار عن هذه القصص من هذا النبي الأميّ، الذي يحصل التحقيق بأنه لا معلم له بها حالة كونهم معترفين {لكم}، والحال أنه {قد كان فريق}، أي: ناس يقصدون الفرقة والشتات {منهم يسمعون كلام الله} وهو ما يتلونه من التوراة {ثم يحرفونه}، أي يزيلونه عن وجهه برده على حرفه، ووصف الفريق بما ذكر من الأوصاف تأكيد لعظيم تهمكهم (١) في العصيان، بأنهم كانوا بعد ما وصف من أحوالهم الخبيثة فرقًا في الكفر والعدوان، والتبري من جلباب الحياء.
وقوله:{من بعد ما عقلوه}، معناه: من بعد ما فهموه وضبطوه بعقولهم، ولم تبق لهم شبهة في صحته {وهم يعلمون} أنهم كاذبون مفترون، والمعنى: إن
(١) كما ترجح في نسخ البقاعي المغربية ومعناها: تمادى ولجّ برغبة وحرص وانهمك في الباطل. وهي في الأصل المخطوط ونسخة ظ، ومد (تهتكهم) وفي نسخة م (تهكمهم).