للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وطائفة زعموا أن الشمس ملك من الملائكة لها نفس وعقل، وهي أصل نور القمر والكواكب، ومنها تكونت الموجودات السلفية كلها، فعبدوها بحجة أنها ملك فتستحق التعظيم، والسجود والدعاء.

وقوم عبدوا القمر بحجة أنه مدبر للعالم السفلي، ومنهم من يعبد أصنامًا اتخذوها على صورة الكواكب وروحانيتها، بزعمهم، وبنوا لها هياكل ومتعبدات، فوضع الصنم إنما كان في الأصل على شكل معبود غائب، فجعلوا الصنم على شكله وهيئته وصورته، ليكون نائبًا منابه، وقائمًا مقامه، وإلا فمن المعلوم أن عاقلًا لا ينحت خشبة أو حجرًا بيده، ثم يعتقد أنه إلهه ومعبوده.

وبالجملة فإن أكثر أهل الأرض مفتونون بعبادة الأوثان والأصنام، ولم يتخلص منها إلا الحنفاء، أتباع ملة إبراهيم عليه السلام، وعبادتها في الأرض من قبل نوح عليه السلام، كما تقدم وهياكلها ووقوفها وسدنتها وحجابها، والكتب المصنفة في شرائع عبادتها، طبق الأرض والأمم التي أهلكها الله بأنواع الأهلاك، كلهم كانوا يعبدون الأوثان.

والقرآن، بل وسائر الكتب الإلهية، من أولها إلى آخرها مصرحة ببطلان هذا الدين، وكفر أهله، وأنهم أعداء الله ورسله، وأنهم أولياء الشيطان وعباده، وأنهم هم أهل النار.

ومن أسباب عبادة الأوثان الغلو في المخلوق، وإعطائه فوق منزلته، حتى جعل فيه حظ من الإلهية، وشبه بالله سبحانه، وهذا هو التشبيه الواقع في الأمم الذي أبطله الله سبحانه وتعالى، وأقام الأدلة على جهل مدعيه، ووبخهم هنا بقوله: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

ولما أقام تعالى الدلائل القاهرة على إثبات الصانع، وأبطل القول بالشريك، عقبه بما يدل على النبوة، ولما كانت نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، مبنية على كون القرآن معجزًا، أقام الدلالة على إعجازه بقوله:

{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣)}.

<<  <   >  >>