العذاب يوقنون بـ {أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}، فلا وجه أن يقال: لو يرون أن القوة لله جميعًا حينئذٍ، لأنه إنما يقال:"لو رأيت"، لمن لم ير، فأما من قد رآه، فلا معنى لأن يقال له: لو رأيت.
ودخول "لو" و"إذ" على المستقبل مع أنهما للماضي، لينتظم المستقبل في سلك الماضي المقطوع به، لصدور الكلام عمن لا خلاف في أخباره، وقيل: لأن الساعة قريب، فكأنها قد وقعت.
وكذا الكلام في {إِذْ تَبَرَّأَ}، وأنه بدل من {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} وقيل: هو معمول {شَدِيدُ}، من قوله تعالى:{شَدِيدُ الْعِقَابِ}، والبدل أو المتعلق، هو قوله تعالى:
التبرؤ: طلب البراءة، وإيقاعها بجد واجتهاد، وهي: إظهار التخلص من وصلة أو اشتباك، أي: وقت ما يتبرأ المتبوعون، وهم الرؤساء والأوثان من أتباعهم، الذين أفنوا عمرهم في عبادتهم، واعتقدوا أنهم من أوكد أسباب نجاتهم فإذا هم تبرؤوا منهم عند احتياجهم إليهم. ونظيره قوله تعالى:{يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}[العنكبوت: ٢٥]. وقال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧)} [الزخرف].
وقوله:{وَرَأَوُا الْعَذَابَ} معناه: تبرؤوا في حال رؤيتهم العذاب، عندما عجز المتبعون عن تخليصهم مما رأوه من الأهوال والشدائد العظيمة، لأن قوله:{وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} يدخل في معناه أنهم لم يجدوا إلى تخليص أنفسهم وأتباعهم سببًا، والآيس من وجه يرجو به الخلاص مما نزل به بأوليائه من البلاء،