للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملائكة، وسلمًا من الملائكة، وإنه قرن به عدونا من الملائكة، قال: قلت: ومن عدوكم ومن سلمكم؟ قالوا: عدونا جبريل وسلمنا ميكائيل، قال: فقلت: وفيم عاديتم جبريل؟ وفيم سالمتم ميكائيل؟ قالوا: إن جبريل ملك الفظاظة والغلظة والإعسار، والتشديد والعذاب ونحو هذا. وإن ميكائيل ملك الرأفة والرحمة والتخفيف، ونحو هذا. قلت: وما منزلتهما من ربهما؟ قالوا: أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره، قلت: فوالله الَّذي لا إله إلا هو، إنهما والذي بينهما لعدو من عاداهما، وسلم لمن سالمهما، ما ينبغي لجبريل أن يسالم عدو ميكائيل، ولا لميكائيل أن يسالم عدو جبريل، قال: ثم قمت فاتبعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلحقته وهو خارج من مخرفة (١) لبني فلان، فقال: يا ابن الخطاب ألا أقرئك آيات نزلن، فقرأ علي: {قل من كان عدوًا لجبريل} الآيات، قال: فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لقد جئت وأنا أريد أن أخبرك الخبر، فاسمع اللطيف الخبير قد سبقني إليك بالخبر!

وهذا الأثر رواه ابن أبي شيبة في المصنف، وإسحاق ابن راهويه في مسنده [وابن جرير] وابن أبي حاتم.

هذا وحاصل ما كانوا يتحملونه لعدواتهم لجبريل عليه السلام: أنَّه يأتي بالخسف والهلاك، والجدب، ولو كان ميكائيل صاحب محمد لاتبعناه، لأنَّه يأتي بالخصب والسلم، ولكون جبريل دافع عن بختنصر حين أردنا قتله فخرب بيت المقدس وأهلكنا، وأنه يُطلِع محمدًا على سرنا، والخطاب في قوله تعالى: {قل} للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقوله: {من كان عدوًا لجبريل} فعل شرط جوابه محذوف، دل عليه ما بعده، تقديره: لا وجه لها إلا العناد وادعاء الباطل، فلا يبالى بها.

وأشار "الحرالّي" (٢) إلى أن هذه الآية تقتضي تكفير المعادي لجبريل،


(١) في الأصل: (حومة). وقال الشيخ شاكر في المطبوعة: خرفة، وفي ابن كثير خوخة والصواب مخرفة وهي البستان أو سكة بين صفين من نخل.
(٢) بل هذا من كلام البقاعي في "نظم الدرر" ٢/ ٦٦، وإنما توهمه المصنف لأنَّه وقع: ... واستغراقًا - قال الحرالي. {كان عدوًا لجبريل} أي فإنه ....... ورسله. {وجبريل} قال الحرالي: يقال هو اسم عبودية لأنَّ إيل ... عزرائيل انتهى. وعلى ذلك فالكلمة الأخيرة أي {وجبريل} لا موقع لها في سياق اقتضاء تكفير المعادي لجبريل بل جيء بها لتفسير معناها من قبل الحرالي.

<<  <   >  >>