للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلبه؟ " قالوا: اللهم نعم، قال: "اللهم اشهد" قالوا: أنت الآن تحدثنا من وليك من الملائكة، فعندها نجامعك أو نفارقك، قال: "فإن وليي جبريل، ولم يبعث الله نبيًا قط إلا هو وليه قالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليًا سواه من الملائكة تابعناك وصدقناك، قال: "فما يمنعكم أن تصدقوه؟ " قالوا: إنه عدونا، فأنزل الله عز وجل: {من كان عدوًا لجبريل} إلى قوله: {كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: ١٠١] فباءوا بغضب على غضب.

ومثل ذلك روي عن شهر بن حوشب، والقاسم بن أبي بزة.

وذهب الشعبي وقتادة والسدي، إلى أن سبب نزولها محاورة وقعت بين اليهود وبين عمر بن الخطاب، وذلك أن عمر نزل الروحاء فرأى رجالًا يبتدرون أحجارًا يصلون إليها، فقال: ما هؤلاء؟ فقالوا: يزعمون أن رسول الله صلى ههنا، فكره وقال: أيما (١)؟ رسول الله أدركته الصلاة بواد فصلى، ثم ارتحل فتركه.

ثم ذكر عمر أنَّه شهد يوم مِدْراسهم (٢) فجعل يعجب كيف أن التوراة تصدق القرآن، وكيف أن القرآن يصدق التوراة، قال: فبينا أنا عندهم ذات يوم، قالوا: يا ابن الخطاب ما من أصحابك أحد أحب إلينا منك، قلت: ولم ذلك؟ قالوا: إنك تغشانا وتأتينا، فقلت: إني آتيكم فأعجب من الفرقان يصدق التوراة، ومن التوراة كيف تصدق الفرقان، قال: ومر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا ابن الخطاب ذاك صاحبكم فألحق به، قال: فقلت لهم عند ذلك: أنشدكم بالله الَّذي لا إله إلا هو، وما استرعاكم من حقه واستودعكم من كتابه أتعلمون أنَّه رسول الله؟ قال: فسكتوا، قال: فقال عالمهم وكبيرهم: إنه قد عظم عليكم فأجيبوه، قالوا: أنت عالمنا وسيدنا فأجبه أنت، قال: أما إذا نشدتنا به فإنّا نعلم أنَّه رسول الله، قال: فقلت: ويحكم، إذًا (٣): هلكتم، قالوا: إنا لم نهلك، قلت: كيف ذلك وأنتم تعلمون أنَّه رسول الله ثم لا تتبعونه ولا تصدقونه؟ قالوا: إنّ لنا عدوًا من


(١) في الأصل: "إنما" وقال الشيخ شاكر: "أَيْما" استفهام وتعجب، يتعجب عمر من فعلهم.
(٢) في الأصل: "دخل مدراس"، والتصحيح من الطبري.
(٣) في الأصل: "أي". وقال الأستاذ شاكر: في المطبوعة "أي هلكتم" والصواب من ابن كثير.

<<  <   >  >>